كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
الشريعة، ويظهر ههنا مناسبات: منها أنه من أواني الجنة، ومنها أنه لا تأكله النار ولا التراب، ومنها أنه لا يلحقه الصدأ، ومنها أنه أثقل الجواهر فناسب قلبه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه من أواني أحوال الجنة، ولا تأكله النار ولا التراب، كما قال -صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، ولا يلحقه الصدأ، ومنها أنه أثقل الجواهر، فناسب قلبه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه من أواني أحوال الجنة، وأنه أثقل من كل قلب عدل به، وفيه مناسبة أخرى وهي ثقل الوحي فيه. انتهى.
قلت: قوله: "ولعل ذلك قبل أن يحرم استعمال الذهب في هذه الشريعة"، قد جزم هو في أول الصلاة من كتابه فتح الباري: بأنه تحريم الذهب إنما وقع بالمدينة.
قال السهيلي: وابن دحية: إن نظر إلى لفظ الذهب ناسب من جهة إذهابه
__________
"ولعل ذلك كان قبل أن يحرم الذهب في هذه الشريعة"، ولا يكفي أن يقال إلى آخر ما ذكر المصنف، فقوله: ولعل جواب مستقل فهي ثلاثة، وقال: أعني الحافظ في أول كلامه: خص الذهب لكونه أعلى الأواني الحسنة، وأصفاها؛ ولأن فيه خواص ليست لغيره، ووصل هذا بقوله: "ويظهر" لها "ههنا مناسبات" للناظر في المقام، لا من خصوص ما قدمه "منها، أنه من أواني الجنة"، كما قال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ} [الزخرف: 71] ، "ومنها أنه لا تأكله النار"، وكذلك القرآن لا تأكله النار، ولا قلبنا وعاه، ولا بدنا عمل به يوم القيامة، ففيه مناسبة له، "ولا التراب" لا يأكله، ولا يغيره، وكذلك القرآن لا يستطاع تغييره، كذا في الروض.
"ومنها أنه لا يلحقه الصدأ" بفتح المهملتين مهموز.
ومنها أنه أثقل الجواهر، فناسب قلبه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه من أواني أحوال الجنة"، أي: من الأواني التي تستعمل في الأحوال التي تقع في الجنة وتحتاج إلى إناء، وعبارة الحافظ: ومنها أنه أثقل الجواهر، فناسب ثقل الوحي، "ولا تأكله النار ولا التراب كما قال -صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" "، ولا يلحقه الصدأ، بخلاف غيره، كما قال: إن القلوب لتصدأ.
"وأنه أثقل من كل قلب عدل به، وفيه مناسبة أخرى، وهو ثقل الوحي فيه. انتهى" كلام الحافظ.
"قلت قوله: ولعل ذلك قبل أن يحرم استعمال الذهب في هذه الشريعة"، يشعر أنه لم يطلع فيه على شيء، وإنما ترجاه من نفسه، وينافيه أنه قد جزم هو في أول الصلاة من كتابه فتح الباري، بأنه تحريم الذهب إنما وقع بالمدينة"، حيث قال: أبعد من استدل به، أي: حديث المعراج على جواز تحلية المصحف وغيره بالذهب؛ لأن المستعمل له الملك، فيحتاج إلى