كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

التصديق إذ ذاك، أعطي برؤية شق البطن والقلب عدم الخوف في جميع العادات الجارية بالهلاك، فحصلت له عليه السلام قوة الإيمان، من ثلاثة أوجه: بقوة
التصديق، والمشاهد، وعدم الخوف من العادات المهلكات فكمل له عليه الصلاة والسلام بذلك ما أريد منه من قوة الإيمان بالله عز وجل، وعدم الخفو مما سواه.
ولأجل ما أعطيه مما أشرنا إليه كان عليه السلام في العالمين أشجعهم، وأثبتهم وأعلاهم حالًا ومقالًا.
ففي العلوى: كان -كما أخبر عليه السلام- أن جبريل لما وصل إلى مقامه قال: ها أنت وربك، وهذا مقامي لا أتعداه، فزج به في النور زجة، ولم يتوان ولم
__________
"من غير أن يفعل به ما فعل" من الشق قلت: "أجاف العارف ابن أبي جمرة: بأنه عليه السلام ولما أعطى كثرة الإيمان" أي: خصاله وشعبه، أو الأسباب المحصلة لكماله، فلا يرد أن الإيمان هو التصديق، هو شيء واحد لا تعدد فيه ولا تكثر، وإنما التكثر في متعلقاته من صلاة وصوم ونحوهما.
"وقوي" بضم القاف أولى من فتحها، لاحتياجه لتقدير قوي "التصديق" منه بذلك، لكل ما ورد عليه من قبل الله، "إذ ذاك" ليس هذا من الإضافة إلى المفرد، بل إلى الجملة الإسمية أو الفعلية، والتقدير إذا ذاك، كذلك، أو إذ كان ذاك كذلك "أعطي برؤية شق البطن والقلب عدم الخوف في جميع العادات الجارية بالهلاك، فحصلت له عليه السلام قوة الإيمان من ثلاثة أوجه، بقوة التصديق"،: أي: الحاصلة بزيادة الإيمان، والحكمة، "وبالمشاهدة" لشق الصدر وغسل القلب، "وعدم الخوف" المترتب على عدم حصول أذى له بعد فعل ما يهلك به عادة "من العادات"، أي: مما تجري به العادات "المهلكات": جمع عادة، وتجمع أيضًا على عادة وعوائذ، وجعل المشاهدة وعدم الخوف من قوة الإيمان بناء على أنه يزيد وينقص، فلا يرد أنهما خارجان عن التصديق الذي هو مسمى الإيمان، "فكمل له عله الصلاة والسلام بذلك ما أريد منه من قوة الإيمان بالله عز وجل وعدم الخوف، مما سواه، ولأجل ما أعطيه مما أشرنا إليه، كان عليه السلام في العالمين أشجعهم وأثبتهم وأعلاهم حالًا ومقالًا"، أي: قولًا مصدر، قال كقولًا ومقالة، "ففي" أي: فرفعة حاله وشأنه في العالم "العلوي": بضم العين وكسرها مع سكون اللام، المكان المرتفع من نسبة الكلي، وهو المكان العالي من حيث هو إلى جزئية، وهو ما وصل إليه تلك الليلة، فإنه جزئي، من جزئيات مطلق المكان.
"كان كما أخبر عليه السلام أن جبريل لما وصل إلى مقامه"، أي: جبريل المشار إليه

الصفحة 63