كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

الفكر إنما هو القلب لا الدماغ، خلافًا للمعتزلة والفلاسفة.
وأما الحكمة في غسل قلبه المقدس عليه الصلاة والسلام بماء زمزم، فقيل: لأنه ماء زمزم يقوي القلب ويسكن الروع، قال الحافظ الزين العراقي: ولذلك غسل به قلبه عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء ليقوى على رؤية الملكوت، واستدل شيخ الإسلام السراج البلقيني، بغسل قلبه الشريف به على أنه أفضل من ماء الكوثر.
__________
ليست من مراكب الحرب، بل الأمن، فالحرب عنده كالسلم، وكذا إشهار نفسه مبالغة في الشجاعة وعدم المبالاة بالعدو، ومر بسط هذا في حنين ثم إن في العناية"، أي: الاهتمام "بتطهير قلبه المقدس، وإفراغ الإيمان والحكمة فيه إشارة إلى مذهب أهل السنة، في أن محل العقل ونحوه من أسباب الإدراكات كالنظر أو الفكر، إنما هو القلب لا الدماغ، خلافًا للمعتزلة والفلاسفة" وبعض أهل السنة كالحنفية، وعبد الملك بن الماجشون من المالكية، لكن مذهب الأكثرين ظاهر على إثبات القوى الباطنية، ولم يقولوا بها، فوصفها بأن لها محلًا تسمح، والمراد أنه جعل للقلب حالة يدرك بها الأمور المعقولة، وفي قوله: من أسباب الإدراك إشعار بأن المدرك هو العقل، وما عداه طريق لإدراكه، وفي العقل تعاريف نقل المجد منا جملة، وقد نقل كلامه المصنف في الفصل الثاني من المقصد الثالث.
"وأما الحكمة في غسل قلبه المقدس عليه الصلة والسلام"، كما مر في رواية البخاري: ففرج صدري ثم غسله "بماء زمزم فقيل: لأن ماء زمزم يقوي القلب ويسكن الروع" بالفتح، الفزع.
"قال الحافظ الزين العراقي: ولذلك غسل به قلبه عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء، ليقوى على رؤية الملكوت": باطن الملك.
وقال ابن أبي جمة: إنما لم يغسل بماء الجنة، لما اجتمع في زمزم من كون أصل مائها من الجنة، ثم استقر في الأرض، فأريد بذلك بقاء بركة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأرض.
وقال السهيلي: لما كانت زمزم حفرة جبريل روح القدس لأم إسماعيل جد النبي -صلى الله عليه وسلم- ناسب أن يغسل عند دخوله حضرة القدس لمناجاته.
وقال غيره: لما كان ماء زمزم أصل حياة أبيه إسماعيل، وقد ربي عليها ونما قلبه وجسده وصار هو صاحبه وصاحب البلدة المباركة، ناسب أن يكون ولده الصادق المصدوق، كذلك ولما فيه من الإشارة إلى اختصاصه بذلك بعد وفاته، فإنه قد صارت الولاية إليه في الفتح، فجعل السقاية للعباس وولده، وحجابة البيت لعثمان بن شيبة، وعقبه إلى يوم القيامة.
"واستدل شيخ الإسلام السراج البلقيني بغسل قلبه الشريف به"، بماء زمزم، "على أنه

الصفحة 65