كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
على شكل الفرس، إشارة إلى أن الركوب كان في سلم وأمن لا في حرب وخوف، أو لإظهار المعجزة بوقوع الإسراء الشديد بدابة لا توصف بذلك في العادة، وذكره بقوله: أبيض، باعتبار كونه مركوبًا، أو عطفًا على لفظ البراق.
واختلف في تسميته بذلك، فقيل: من البريق، وقال القاضي عياض: لكونه ذا لونين، يقال: شاة برقاء، إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود، وقيل: من البرق؛ لأنه وصف بسرعة السير، ويحتمل أن يكون مشتقًا.
ووصفه بأنه يضع خطوه عند أقصى طرفه -بسكون الراء وبالفاء- أي يضع رجله عند منتهى ما يرى بصره، وقال ابن المنير: يقطع ما انتهى إليه بصره في
__________
الموصوف بما ذكر، فلا يدر أنه ليس المراد بيان حكمة خلق البراق على هذه الصورة، فحق العبارة الحكمة في المجيء له بالبراق دون فرس مثلًا، "ولم يكن على شكل الفرس" التي هي أشرف الدواب المركوبة، "إشارة" خبر الحكمة، "إلى أن الركوب كان في سلم وأمن، لا في حرب وخوف"، فإن الحرب هي التي يعتد لها نحو الفرس، وصورة البراق لم يعهد عليه قتال البتة، "أو لإظهار المعجزة"، أي: المبالغة في إظهارها "بوقوع الإسراء الشديد بدابة لا توصف بذلك في العادة"، لكن البياض لا دخل له فغي الحكمتين، فلعل ذكره لبيان الواقع، أو لإظهار السرور؛ لأن البياض يختار عادة لإظهاره، "وذكره بقوله: أبيض باعتبار كونه مركوبًا أو عطفًا" لغويا، أي: ميلًا، يقال: عطفت على كذا، ملت له، "على لفظ البراق"، على بمعنى إلى، ولفظ الفتح أو بالنظر للفظ البراق.
"واختلف في" اشتقاق "تسميته بذلك" لقوله الآتي، ويحتمل أن لا يكون مشتقًا، "فقيل" مشتق "من البريق" اللمعان، أي: سمي بذلك للمعان بدنه لصفاء بياضه، "وقال القاضي عياض: لكونه ذا لونين، يقال: شاة برقاء، إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود".
قال الحافظ: ولا ينافيه وصفه في الحديث بأنه أبيض؛ لأن البرقاء من الغنم معدودة في البيض. انتهى.
ولكن اعترض بأن هذا الوصف لم يثبت للبراق، وما يأتي أن صدره ياقوتة حمراء ضعيف.
"وقيل": مشتق "من البرق" ما يلمع من السحاب؛ "لأنه وصف بسرعة السير" فأشبه البرق في سيره، "ويحتمل أن لا يكون مشتقًا"، فلا يلاحظ في تسميته أخذه من مادة أصلًا، وإنما هو اسم له، "ووصفه بأنه يضع خطوه عند أقصى طرفه بسكون الراء وبالفاء" أي: نظره، "أي: يضع رجله"، بيان للمراد بخطوه، فليس المراد نفس المصدر "عند منتهى ما يرى بصره"،