كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

وقال التفتازاني: أي ما فقد جسده عن الروح، بل كان مع روحه، وكان المعراج للجسد والروح جميعًا، انتهى.
واحتج القائون بأنه بالجسد يقظة إلى بيت المقدس، وإلى السماء بالروح، بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] ، فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء الذي وقع التعجب به بعظيم القدرة، والتمدح بتشريف النبي -صلى الله عليه وسلم- وإظهار الكرامة له بالإسراء، ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره، فيكون أبلغ في المدح.
__________
ولدت بعد،" بالناء على الضم، أي: بعد هذه القصة، وهي ضد قبل، ويستعملان في التقدم والتأخر المتصل والمنفصل، والمراد هنا الأول، أو المراد زمن وقوعه للمحاورة والتضاد، وهو استعمال شائع "على الخلاف في الإسراء متى كان"، فعلى أنه كان بعد المبعث بعام لم تكن ولدت، وعلى أنه قبل الهجرة بعام تكون ابنة سبع، وعلى أنه قبلها بأكثر تكون أصغر من سبع.
قال عياض: وإذا لم تشاهد ذلك عائشة دل على أنها حدثت بذلك عن غيرها، فلم يرجح خبرها على خبر غيرها، وكان الظاهر أن يقول: فرجح خبر غيرها على خبرها، أي: لعدم ثبوته عنها كما أفصح به بعد، وقد قدمت كلامه لا لروايتها عن مجهول إذ لو ثبت لكان مرسل صحابي وهو حجة.
"وقال التفتازاني" في الجواب على تقدير الصحة، "أي: ما فقد جسده عن الروح، بل كان مع روحه وكان المعراج للجسد والروح جميعًا. انتهى"، وهو جواب حسن على ما فيه من كونه خلاف المتبادر من اللفظ.
"واحتج القائلون بأنه بالجسد يقظة إلى بيت المقدس، وإلى السماء بالروح،" فالإسراء يقظة، والمعراج منام، "بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] الآية، فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء الذي وقع التعجب به"، من الكفاء تعجب استحالة، ومن المؤمنين تعجب تعظيم "بعظيم القدرة" بالباء الجارة، وفي نسخة بالفوقية منصوب على أنه مفعول له، أي: لتعظيم قدرة الله الباهرة "والتمدح بتشريف النبي -صلى الله عليه وسلم- وإظهار الكرامة له بالإسراء، ولو كان الإسراء بجسده إلى" مكان "زائد عن المسجد الأقصى لذكره، فيكون أبلغ في المدح،" فلما لم يقع ذكر المعراج في هذا الموضع من كون شأنه أعجب وأمره أغرب بكثير من الإسراء دل على أنه كان

الصفحة 8