كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

البراق من خصائصه -صلى الله عليه وسلم. نعم قيل: ركوبه مسرجًا ملجمًا لم يرو لغيره من الأنبياء عليهم السلام.
فإن قلت: ما وجه استصعاب البراق عليه؟
أجيب: بأنه تنبيه على أنه لم يذلل قبل ذلك، إن قلنا: إنه لم يركبه أحد قبله، أو لبعد العهد إن قلنا: إنه ركب قبله.
ويحتمل أن يكون استصعابه تيها وزهوًا بركوبه -صلى الله عليه وسلم- وأراد جبريل "أبمحمد تستعصب"؟ استنطاقه بلسان الحال أنه لم يقصد الصعوبة وإنما تاه زهوًا لمكان الرسول عليه السلام منه، ولهذا قال: فارفض عرقًا، فكأنه أجاب بلسان الحال متبريًا
__________
وبولدها.
وفي كتاب مكة للفاكهي والأزرقي: أن إبراهيم كان يحج على البراق، فهذه آثار يشد بعضها بعضًا، وجاءت آثار أخرى تشهد لذلك لم أر الإطالة بإيرادها قاله الحافظ، "وعلى ذلك" كله، "فلا يكون ركوب البراق من خصائصه -صلى الله عليه وسلم".
قال النعماني: ولعل النافي ركوب غيره لم يستحضر هذه الأحاديث والآثار؛ لأنه اقتصر على الحديثين، ولم أر نصًا ينفي ركوب غيره من الأنبياء عليه، ومعارضه النص بتأويل قول جبريل فيه نظر، بل ورد ما يدل على أن غير الأنبياء ركبه.
ففي أوائل روض السهيلي: أن إبراهيم حمل هاجر على البراق لما سار إلى مكة بها وبولدها، وفيه أيضًا عن الطبري أوحى إلى أرمياء أن اذهب إلى بختنصر، فأعلمه أني قد سلطته على العرب، فاحمل معدًا على البراق، كي لا تصيبه النقمة، فإني مستخرج من صلبه نبيًا كريمًا أختم به الرسل، فحمله معه على البراق إلى أرض الشام انتهى.
"نعم، قيل: ركوبه مسرجًا ملجما لم يروا لغيره من الأنبياء عليهما السلام"، فيحمل القول بأن ركوبه من خصائصه على ركوبه مسرجًا ملجمًا لا مطلقًا، فلا ينافي أن غيره ركبه لا بهذه الصفة، "فإن قلت: ما وجه استصعاب البراق عليه، أجيب"، أي: أجاب ابن المنير، "بأنه"، أي: وجهه، "تنبيه": إعلام، "أنه لم يذلل قبل ذلك إن قلنا: إن لم يركبه أحد قبله، أو لبعد العهد به، إن قلنا: إنه ركب قبله"، وهم قولان، أرجحهما الثاني كما علم، "ويحتمل أن يكون استصعابه تيهًا" بكسر الفوقية، وسكون التحتية، تكبرًا "وزهوا" عطف تفسير.
ففي القاموس: الزهو: التيه والفخر "بركوبه -صلى الله عليه وسلم- وأراد جبريل" بقوله: "أبمحمد تستصعب استنطاقة بلسان الحال، أنه لم يقصد الصعوبة، وإنما تاه زهوًا لمكان الرسول عليه

الصفحة 80