كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

من الاستصعاب، وعرق من خجل العتاب، ومثل هذا رجفة الجبل به حتى قال: "أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان"، فإنها هزة الطرب لا هزة الغضب.
وكذا البراق لما قال له جبريل: اسكن فما ركبك أحد أكرم على الله منه أقر فاستقر وخجل من ظاهر الاستصعاب، وتوجه الخطاب فعرق حتى غرق.
ووقع في حديث حذيفة عند الإمام أحمد قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبراق فلم يزل على ظهره هو وجبريل حتى انتهيا إلى بيت المقدس، وهذا لم يسنده حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أنه قاله عن اجتهاده، ويحتمل أن يكون قوله: "هو وجبريل" متعلقًا مرافقته في السير، لا في الركوب. وقال ابن دحية معناه: وجبريل قائد أو سائق بمرافقته في السير، لا في الركوب، وقال ابن دحية معناه: وجبريل قائد أو سائق أو دليل، قال: وإنما جزمنا بذلك؛ لأن قصة المعراج كانت كرامة للنبي -صلى الله عليه وسلم- فلا مدخل لغيره فيها.
__________
السلام منه"، أي: لوجوده عنده وإرادته ركوبه، "ولهذا قال: فارفض عرقًا، فكأنه أجاب بلسان الحال متبريًا من الاستصعاب، وعرق من خجل العتاب"، أي: عتاب جبريل له، "ومثل هذا رجقه الجبل" تحركه "به، حتى قال": كما في الصحيح عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صعد أحدًا، وأبو بكر، وعمر وعثمان، فرجع بهم، فقال: "أثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق" أبو بكر، "وشهيدان" عمر وعثمان، "فإنهما هزة الطرب": الفرح، "لا هزة الغضب"، فلذا قر الجبل وسكن، "وكذا البراق لما قال له جبريل: أسكن فما ركبك أحد أكرم على الله منه أقر فاستقر": سكن "وخجل من ظاهر الاستصعاب، وتوجه الخطاب" إليه بالعتاب، "فعرق حتى غرق" أي: عمه العرق، فشبه عمومه له بالغرق في الماء.
"ووقع في حديث حذيفة" بن اليمان "عند الإمام أحمد، قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبراق، فلم يزل على ظهره هو وجبريل، حتى انتهيا إلى بيت المقدس، وهذا لم يسنده حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيحتمل أنه قاله عن اجتهاد"، ولم تبلغه الأحاديث التي فيها نزوله في أماكن قبل بيت المقدس.
"ويحتمل أن يكون قوله: "هو وجبريل" متعلقًا بمرافقته في السير، لا في الركوب" إلى بيت المقدس دون نزول قبله، فلا يخالفه أحاديث نزوله قبله في أماكن، "وقال ابن دحية معناه: وجبريل قائد أو سائق، أو دليل، قال: وإنما جزمنا بذلك؛ لأن قصة المعراج كانت كارمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- فلا مدخل لغيره فيها"، وتبعه ابن المنير وغيره، والتعليل لا ينهض، فإن من جملة كرامته إكرام صاحبه.

الصفحة 81