كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

وأجيب: بأن حكمة التخصيص بالمسجد الأقصى سؤال قريش له على سبيل الامتحان على ما شاهدوه وعرفوه، من صفة بيت المقدس، وقد علموا أنه لم يسافر إليه، فيجيبهم بما عاين ويوافق ما يعلمونه، فتقوم الحجة عليهم، وكذلك وقع، ولهذا لم يسألوه عما رأى في السماء، ولا عهد لهم بذلك.
وقال النووي في فتاويه: وكان الإسراء به عليه الصلاة والسلام مرتين: مرة في المنام، ومرة في اليقظة.
وذكر السهيلي تصحيح هذا المذهب عن شيخه القاضي أبي بكر بن العربي،
__________
منامًا، وأما الإسراء فلو كان منامًا، لما كذبوه ولا استنكروه لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد الناس.
"وأجيب" كما ذكر ابن المنير؛ "بأن حكمة التخصيص بالمسجد الأقصى سؤال قريش له على سبيل الأمتحان على ما شاهدوه وعرفوه من صفة بيت المقدس، وقد علموا أنه لم يسافر إليه فيجيبهم بما عاين"، كما يأتي بيانه؛ "ويوافق ما يعلمونه، فتقوم الحجة عليهم، وكذلك وقع، ولهذا لم يسألوه عما أرى في السماء، ولا عهد لهم بذلك"، عطف علة على معلول، أي: لأنه لا عهد أي: لا علم لهم به.
وفي الشامي، وأجب الأئمة عن ذلك، بأنه استدرجهم إلى الإيمان بذكر الإسراء، فلما ظهرت أمارات صدقه، ووضحت له براهين رسالته، واستأنسوا بتلك الآية أخبرهم بما هو أعظم منها، وهو المعراج فحدثهم به، وأنزله الله في سورة النجم.
قال الحافظ: ويؤيد وقوع الإسراء عقب المعراج في ليلة واحدة رواية ثابت عن أنس عند مسلم: "أتيت بالبراق فركبت حتى أتيت بيت المقدس"، فذكر القصة إلى أن قال: "ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا"، وحديث أبي سعيد عند ابن إسحاق، فلما فرغ مما كان في بيت المقدس أتي بالمعراج.
"وقال النووي في فتاويه: وكان الإسراء عليه الصلاة والسلام مرتين: مرة في المنام، ومرة في اليقظة"، وإلى هذا ذهب المهلب شارح البخاري، وحكاه عن طائفة، وأبو نصر بن القشيري ومن قبلهم أبو سعد في شرف المصطفى قال: كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- معاريج، منها ما كان في اليقظة، ومن ما كان في المنام.
"وذكر السهيلي تصحيح هذا المذهب عن شيخ القاضي أبي بكر بن العربي" واختاره؛ "وأن مرة النوم توطئة له" وتمهيد "وتيسير عليه، كما كان بدء نبوته الرؤيا الصادقة"،

الصفحة 9