كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

ومائي ولبني وخمري، فائتني بما وعدتني، قال: لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحًا، ولم يشرك بي شيئًا، ولم يتخذ من دوني أنددًا، ومن خشيني فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضني جازيته، ومن توكل علي كفيته، إنني أنا الله، لا إله إلا أنا، لا أخلف الميعاد، وقد أفلح المؤمنون، وتبارك الله أحسن الخالقين، قالت: قد رضيت، ثم أتى على واد فسمع صوتًا منكرًا، ووجد ريحا منتنة فقال: "ما هذا يا جبريل"؟ قال: هذا صوت جهنم، تقول: رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتد حري، فآتني بما وعدتني، قال: لك كل
__________
"ومراكبي": ما يركب، "وعسلي، ومائي، ولبني وخمري" بالأنهار الأربعة، "فأتني بما وعدتني".
"قال: لك كل مسلم ومسلمة، ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي، وبرسلي، وعمل صالحًا" الطاعات، "ولم يشرك بي شيئًا"، بل لا يرائي أحدًا بعبادته لي، وحلمناه على هذا ليغاير قوله: "ولم يتخذ من دوني اندادًا" شركاء يخصهم بالعبادة، "ومن خشيني"، خافني مع الإجلال، "فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضني" بإنفاقه في سبيلي لأجلي، "جازيته" جزاء مضاعفًا، كما قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11] ، "ومن توكل علي كفيته، إنني أنا الله لا إله إلا أنا، لا أخلف الميعاد"، الوعد بالبعث والجزاء، "وقد" للتحقيق "أفلح" فاز "المؤمنون، وتبارك الله أحسن الخالقين"، أي: المقدرين، بزنهة اسم الفاعل، ومميز أحسن محذوف للعلم به، أي: خلقًا "قلت" الجنة: "قد رضيت ثم أتى على واد، فسمع صوتًا منكرًا" ينكره سامعه لعدم سماع نظيره في الأصوات المعتادة لشناعته وقبحه، "ووجد ريحًا منتنة": بضم الميم وكسر التاء اسم فاعل من أنتن كذا، ويجوز كسر الميم للاتباع، وضم التاء اتباعًا للميم، قليل كما في المصباح، "فقال: "ما هذا يا جبريل"؟، قال: هذا صوت جهنم تقول" بلسان القال: "رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي": جمع سلسلة، "وأغلالي": قيودي، "وسعيري": ناري، وسعرتها وأسعرتها: أوقدتها، وحميمي": مائي الحار غاية الحرارة، "وغساقي": بخفة السين وتثقيلها، أي: ما يسيل: ويخرج مني، لشدة حرارتي.
وفي البيضاوي وغيره: الغساق أن يسيل من صديد أهل النار، فإنهم يذوقونه، "وعذابي وقد بعد قعري، واشتد حري، فآتني بما وعدتني، قال: لك كل مشرك ومشركة، وكافر وكافرة"، عطف عام على خاص؛ لأن المشرك إذا جمع مع الكافر أريد به من جعل لله

الصفحة 90