كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني في الأوسط: ثم أقيمت الصلاة فتدافعوا حتى قدموا محمدًا -صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية ثابت البناني عن أنس عند مسلم قال: "فربطته"، يعني البراق، بالحلقة -وهي بإسكان اللام على الأشهر- التي تربط به الأنبياء بتذكير الضمير، إعادة على معنى الحلقة وهو الشيء، والمراد حلقة باب مسجد بيت المقدس، قاله صاحب التحرير- قال عليه السلام: "ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم
__________
أبي هريرة، رفع، "ثم حانت الصلاة"، أي: دخل وقتها، ويأتي للمصنف الخلاف في أنها الصبح، أو العشاء، ويأتي تضعيفهما، وأن الأظهر أنها من النفل المطلق، أو من الفرض الذي كان قبل الخمس، فالمراد بحانت الصلاة، دخل الوقت المأمور بالصلاة فيه، "فأممتهم": صليت بهم إمامًا، "أخرجه مسلم".
"وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني في الأوسط: ثم أقيمت الصلاة"، أي: تهيؤا وقاموا لها، لا الإقامة المشروعة الآن؛ لأنها إنما شرعت بالمدينة، "فتدافعوا"، أي: منع كل نفسه الإمامة بعد أن طلب منه أن يكون إمامًا، وطلب من غيره التقدم عليه، "حتى قدموا محمدً -صلى الله عليه وسلم"، لا ينافيه حديث ابن مسعود الآتي: فقمنا صفوفًا ننتظر من يؤمنا، فأخذ جبريل بيدي، فقدمني، فصليت بهم المفيد، ظاهره أنهم لم يتدافعوا، ولم يقدموه؛ لأن انتظار من يؤم لا ينافي تدافعهم، أي: قول بعضهم لبعض تقدم أنت مثلًا، ولما قدمه جبريل رضوا به، فنسب هنا تقديمه إليهم لرضاهم به وسرورهم.
وفي رواية ثابت البناني عن أنس"، رفعه "عن مسلم"، قال: "أتيت بالبراق"، فوصفه، "قال": "فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته" "فربطته، يعني البراق"، تفسير من المصنف لإسقاطه أول الحديث كما ترى، "بالحلقة، وهي بإسكان اللام على الأشهر"، وقد تفتح لامها وتكسر، أو ليس في الكلام حلقة بفتح اللام، إلا جمع حالق، أو لغة ضعيفة، حكاه القاموس: "التي تربط به الأنبياء" البراق، كما رواه البيهقي لأدوابهم، كما توهمه بعض، وقد تقدم.
قال النووي: قوله به كذا في الأصول، "بتذكير الضمير إعادة"، أي: إرجاعًا للضمير، مذكرًا حملًا "على معنى الحلقة، وهو"، أي: المعنى "الشيء"، وإلا فكان الظاهر أن يقول بها؛ لأن الحلقة مؤنثة تأنيثًا لفظيًا.
وقال غيره: روي بالتأنيث والتذكير في مسلم والشفاء، "والمراد حلقة باب مسجد بيت المقدس، قاله صاحب التحرير"، أي: بابه المعهود المعروف، وإن كان للمسجد أبواب متعددة.