كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 8)

أحدهما: إنْ قُلْنَا: إنَّ الظُّلُمَاتِ هي الكُفُرُ، والنُّور هو الإيمان فظاهرٌ؛ لأنَّ الحقَّ واحِدٌ، والباطِلُ كثيرٌ.
وإنْ قٌلنا: إنَّ الظُّلْمَة الكيفية المحسوسة، فالنُّور [عبارة] عن تلك الكَيْفِيَّةِ الكَامِلَةِ القَويَّةِ وكذلك الظُّلْمةُ الكاملة القوية، ثمَّ إنَّها التَّناقٌض [قليلاً] وتلك المَرَاتَبُ كثيرة، فلهذا عَبَّرَ عن الظُّلُمَاتِ بصيغة الجَمْع.
وثانيها: أنَّ النُّور من جِنْسٍ واحِدٍ، وهو النار، والظُّلُمَاتِ كثيرة، فإنَّ مَا مِن جرْمٍ إلاَّ وله ظِلٌّ وظُلْمَةٌ.
وثالثها: أنَّ الصِّلَةَ التي قبلها تقدمَّ فيها جَمْعٌ ثُمَّ مفردٌ، فعطفت هذه عليها كذلك، وقَدْ تقَّدمَ في «البقرة» الحِكْمَةُ في جَمْع السماوات، وإفراد الأرض.
فإنْ قيل: لِمَ قُدِّمت الظُّلُمات [على النور] في الذكر؟ .
فالجوابُ: لأنه مُوَافِقٌ في الموجودِ؛ إذا الظُّلمة قَبْلَ النُّور عِنْدَ الجمهور.
فصل في المراد بالظلمات والنور
قال الوَاقِدِيُّ: كُلُّ مَا في القرآنِ من الظُّلُمَاتِ والنُّورِ هو الكُفْرُ والإيمان، إلاَّ في هذه الآية، فإنَّهُ يُريُد به اللَّيْلَ والنَّهَارَ.
وقال الحسنُ: المُرَادُ الكُفْرُ والإيمان.
وقيل: المرادُ بالظُّلمات الجَهْلُن وبالنُّور العِلْمُ.
وقال قتادة: يعني الجَنَّةَ والنَّار.

الصفحة 11