هنا، وفي الحديث: «أحَسنكم أخلاقاً» وجاز أن يُفْرَج، وقد أُجْمِعَ على ذلك في قوله: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس} [البقرة: 96] .
فصل
قال الزجاجُ: إنما جعل المجرمينَ أكَابر لأنهم لأجْل رياستهم أقْدَر على المكْرِ [والغدْرِ] ، وترويج الأبَاطيل على الناسِ مِنْ غيرهم، ولأن كثرة المالِ، والجاهِ تحمل الغَدْرِ، والمكْرِ، والكَذِب، والغَيْبةِ، والنمِيمَةِ، والإيْمانِ الكَاذِبَة، ولو لم يكُنْ للمالِ والجَاهِ سِوَى أنَّ اللَّه - تبارك وتعالى - وصف بهذه الصفاتِ الذَّميمةِ مَنْ كان له مالٌ وجاه لكفى ذلك دَلِيلاً على خَسَاسَةِ المال والجاه.
قوله: {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} .
والمرادُ ما ذكره الله تعالى في قوله: {وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] .
واعلَمْ أنَّ سُنّة الله [- تبارك و] تعالى - أنه يجعلُ في كُلِّ قريةٍ اتباعَ الرسل ضاعفهم لقوله في قصة نُوح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: {أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} [الشعراء: 111] وجعل فساقهم أكابرهم ليمْكُروا فيها، وذلك أنهم أجْلَسُوا في كُلِّ طَريقٍ من طُرُقِ مكَّةَ [المشرفَة] أرْبَعَةً نَفَرٍ لِيصْرِفُوا النَّاسَ عن الإيمانِ بمحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقولُونَ لكل مَنْ يقدَمُ: إياكم وهذا الرجُلَ، فإنه كَاهِنٌ، ساحِرٌ، كذََّابٌ.
وقولُه: {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ} [لأنَّ وبال مَكْرِهمْ عليهم وهم ما يشعرون أنه كذلك.
قال المعتزلة: «وما يَمْكُرونَ إلاَّ بِأنْفُسِهمْ» ] مذكورٌ في مَعْرض التهديد، والزَّجْرِ، فلو كان ما قل هذه الآيةِ الكريمةِ، يدلُّ على أنه تعالى ارادَ مِنْهم أنْ يمكرُوا بالناسِِ - فكَيْفَ يلِيقُ بالرَّحيم الحَكِيم أنْ يُريد منهم المَكْرَ، ويخلقه فيهم، ثُمَّ يُهَدِّدُهُمْ عليه، ويعاقِبُهُمْ أشَدَّ العِقابِ، ومعارضتُهم تقدَّمَتْ مِرَاراً.
قال المفسِّرُونَ: إنَّ الوليدَ بن المغيرةِ قال: والله لو كانت النُّبُوة حقاً لكنتُ أوْلَى