كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 8)

وقال الربيع بن أنس: نَزَلَ.
وقال عطاء: حَلَّ، والمعنى يدور على الإحاطة والشمول، ولا تستعمل إلا في الشر.
قال الشاعر: [الطويل]
2115 - ... - فأوْطَأ جُرْدَ الخَيْلْ عُقْرَ دِيَارِهِمْ
وَحَاقَ بِهِمْ مِنْ بأسِ ضَبَّةَ حَائِقُ ... وقال الراغب: «قيل: وأصله: حَقَّ، فقلب نحو» زَلَّ وزَال «وقد قرئ» فأزلهما وأزلَهُمَا «وعلى هذا ذَمَّهُ وذّامه» .
وقال الأزهري: «جعل أبو إسحاق» حاق «بمعنى» أحاط «، كأنَّ مَأخَذَهُ من» الحَوْق «وهو ما اسْتَدَارَ بالكَمَرَة» .
قال: «وجائز أن يكون الحَوْق فِعْلاً من» حاق يحيق «، كأنه في الأصل: حُيْق، فقلبت الياء واواً لانْضِمَامِ ما قلبها» .
وهل يحتاج إلى تقدير مضاف قبل «ما كانوا» ؟
نقل الوَاحِدِيُّ عن أكثر المفسرين ذلك، أي: عقوبة ما كانوا، أو جَزَاء ما كانوا، ثم قال: «وهذا إذا جعلت» ما «عبارة عن القرآن والشريعة وما جاء به النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وإن جعلْتَ» ما «عبارة عن العذاب الذي كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُوعدهم به إن لم يؤمنوا استَغْنَيْتَ عن تقدير المضاف، والمعنى: فَحَاقَ بهم العذابُ الذي يستهزئون به، وينكرونه» .
والسُّخْرِيَةُ: الاسْتِهْزَاءُ والتهَكُّمُ؛ يقال: سِخِرَ منه وبه، ولا يُقَالُ إلاَّ اسْتَهْزَاءً به فلا يَتَعَدَّى ب «مِنْ» .
وقال الراغب: «سَخَرْتُهُ إذا سِخَّرْتَهُ للهُزْءِ منه، يقال: رجل سُخَرَةٍ بفتح الخاء إذا كان يَسْخَرُ من غيره، وسُخْرَة بِسُكُونها إذا كان يُسْخَر منه ومثله:» ضُحَكة وضُحْكة «، ولا ينقاس» .
وقوله: {فاتخذتموهم سِخْرِيّاً} [المؤمنون: 110] يحتمل أن يكون من التسخير، وأن يكون من السُّخْرية.
وقد قرئ سُخْرياً وسِخْرياُ بضم السين وكسرها.
وسيأتي له مزيدُ بيان في موضعه إن شاء اللَّهُ تعالى.

الصفحة 42