كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 8)

فصل
هذه الكلمة مذكورة في أوائل خَمْسَةٍ، أوَّلهَا سورةُ «الفاتحة» {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] .
وثانيها: هذه السورة {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السماوات والأرض} [الأنعام: 1] والأول أعَمُّ، لأنَّ العالمَ عبارةُ عن كل موجود سوى اللُّه تعالى.
وقوله: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السماوات والأرض} لا يَدْخُلُ فيه إلاَّ خَلْقُ السماوات والأرض، والظُّلُمَات والنور، ولا يدخل فيه سَائِرُ الكائنات، فكان هذا بَعْض الأقسام الداخلة تحت التَّحْمِيدِ المذكور في سورة «الفاتحة» .
وثالثها: سورةُ الكَهْفِ: {الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب} [الكهف: 1] .
وهذا أيضاً تحميدٌ مخصوصٌ بنوع خاصٍ من النعمة وهي نعمة العلم والمعرفَةِ والهِدايَةِ والقرآن، وبالجملة النعمُ الحاصلةٌ بسَبَب بَعْنَةِ الرُّسُلِ عليهم الصلاة والسلام.
وراربعها: «سبأ» : {الحمد للَّهِ الذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} [الآية: 1] .
وهذا أيضاً تحميدُ على كَوْنِهِ مَالِكاً لِكُلِّ ما في السَّمواتِ والأرضِ، وهو قِسْمٌ من الأقسام الدَّاخِلَةِ في قوله: {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] .
وخامسها: سورةُ «فاطر» {الحمد للَّهِ فَاطِرِ السماوات والأرض} [الآية: 1] .
وهو أيضاً قِسْمٌ من الأقسام الدَّاخِلَةِ تحتَ قوله تبارك وتعالى: {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] .
فإن قيل: ما الفرقُ بين الخالق وبين الفاطرِ والرَّبِّ. وأيضاً لم قال هَاهُنا: «خَلَق السَّمواتِ والأرْضَ» بصيغة فعل الماضي، وقال في سورة «فاطر» : «الحَمْدُ للَّهش فاطر السَّمواتِ» بصيغة اسم الفاعل؟ .
فالجواب عن الأول، أنَّ الخَلْقَ عبارة عن التَّقديرِ، وهو في حقِّ الله - تعالى - عبارةٌ عن علمه النَّافِذِ في جميع الكُلِّيات والجزئيات، وأمَّا كونُه فاطراً فهو عبارةٌ عن الإيجاد

الصفحة 7