كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 8)
(وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ) بَلْ تُتْرَكُ لِيَتَّقِيَ بِهَا وَمَتَى وَضَعَهَا عَلَى مَحَلِّ ضَرْبٍ ضَرَبَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إذْ وَضْعُهَا عَلَيْهِ دَالٌ عَلَى شِدَّةِ تَأَلُّمِهِ بِضَرْبِهِ، وَلَا يُلْطَمُ وَجْهُهُ، وَيَتَّجِهُ حُرْمَتُهُ إنْ تَأَذَّى بِهِ، وَإِلَّا كُرِهَ بَلْ يُحَدُّ الرَّجُلُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً (وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ) حَيْثُ لَمْ تَمْنَعْ وُصُولَ أَلَمِ الضَّرْبِ، وَيَظْهَرُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ نَحْوِ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بَلْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ نَزْعِهَا إنْ مَنَعَتْ وُصُولَ الْأَلَمِ الْمَقْصُودِ، وَتُؤْمَرُ امْرَأَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ بِشَدِّ ثِيَابِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا كَيْ لَا تَنْكَشِفَ وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ، وَلَا يَتَوَلَّى الْجَلْدَ إلَّا رَجُلٌ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا أَحْدَثَهُ وُلَاةُ الْعِرَاقِ مِنْ ضَرْبِهَا فِي نَحْوِ غِرَارَةٍ مِنْ شَعْرٍ زِيَادَةً فِي سَتْرِهَا، وَأَنَّ ذَا الْهَيْئَةِ يُضْرَبُ فِي الْخَلَاءِ.
وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى، نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّى نَحْوَ شَدِّ ثِيَابِهِ إلَّا نَحْوَ مُحْرِمٍ (وَيُوَالِي الضَّرْبَ) عَلَيْهِ (بِحَيْثُ يَحْصُلُ) لَهُ (زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ) بِأَنْ يَضْرِبَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ إيلَامٌ لَهُ، وَقَعَ ثُمَّ يُضْرَبُ الثَّانِيَةَ قَبْلَ انْقِطَاعِ أَلَمِ الْأُولَى، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.
(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ وَهُوَ لُغَةً مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ وَعَلَى التَّأْدِيبِ وَعَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ وَعَلَى ضَرْبٍ دُونَ الْحَدِّ كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ غَلَطٌ، إذْ هُوَ وَضْعٌ شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَكَيْفَ يُنْسَبُ لِأَهْلِ اللُّغَةِ الْجَاهِلِينَ بِذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ، وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِالضَّرْبِ، وَمِنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ضَرَبَهُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْطِمُ وَجْهَهُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا يُلْقِي عَلَى وَجْهِهِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الضَّرْبِ عَلَى الْوَجْهِ قَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ) يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ مُزْرٍ كَعَظِيمٍ أُرِيدَ الِاقْتِصَارُ مِنْ ثِيَابِهِ عَلَى مَا يُزْرِي كَقَمِيصٍ لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ إزَارٍ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَتُؤْمَرُ امْرَأَةٌ) أَيْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ: أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَ نَظَرُ مُحْرِمٍ عَلَى التَّكَشُّفِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ) أَيْ وُجُوبُ الشَّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّى الْجَلْدَ) يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ مَحْرَمٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَحْرَمُ تَوَلَّاهُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ كَمَا فِي غُسْلِهِ إذَا مَاتَ وَلَا مَحْرَمَ لَهُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِطَاعِ أَلَمِ الْأُولَى) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ رَضِيَ أَوْ لَا.
قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَتَهُ مُطْلَقًا بِغَيْرِ رِضَا الْمَحْدُودِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَضِيحَةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْمَأْثُورِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرًا فَهَذَا أَوْلَى اهـ حَجّ.
(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُطْلَقُ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَالتَّعْظِيمِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى أَصْلِ الضَّرْبِ، لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ الصِّحَاحِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُنْسَبُ لِأَهْلِ اللُّغَةِ) لَا يُقَالُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَلْطِمُ عَلَى وَجْهِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا يُمَدُّ عَلَى الْأَرْضِ انْتَهَتْ فَاقْتَضَتْ مَنْعَ مَدِّهِ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى ظَهْرِهِ مَثَلًا وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَلْ يُجْلَدُ الرَّجُلُ قَائِمًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضْرِبَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَكْفِي هَذَا فِي الْمُوَالَاةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ الْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ حَتَّى يَمْتَنِعَ خِلَافُهَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْإِيلَامِ وَمِنْ كَوْنِهِ لَهُ وَقْعٌ وَمِنْ الْمُوَالَاةِ
[فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ]
(فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ) (قَوْلُهُ: مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالضَّرْبُ الْآتِي لَيْسَ هُوَ تَمَامُ ضِدِّ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ وَإِنَّمَا حَقِيقَةٌ
الصفحة 18
448