كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 8)

لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْحَادِثِينَ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ فَلَوْ لَمْ يَنْفُذْ الِاسْتِيلَادُ لِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَتَعَدَّى أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ إلَى الْحَمْلِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا تَأَكَّدَتْ تَأَكُّدًا لَا يَرْتَفِعُ وَالْوَلَدُ مُتَّصِلٌ، بِخِلَافِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ عُرْضَةٌ لِلِارْتِفَاعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ إلَى الْحَمْلِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَقَالَ: لَوْ وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ فَأَحْبَلَهَا وَقُلْنَا لَوْ مَلَكَهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَهَلْ يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ حَتَّى يَعْتِقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْمِلْكِ؟ أَجَابَ لَا بَلْ يَكُونُ قِنًّا، لِلْمُشْتَرِي لَهُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الْعُلُوقِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيِّدِ لِمِلْكِهِ إيَّاهَا حَالَةَ عُلُوقِهَا الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ

(وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) مُقَدَّمًا عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ كَخَبَرِ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَسَوَاءٌ اسْتَوْلَدَهَا فِي الصِّحَّةِ أَمْ الْمَرَضِ أَمْ نَجَّزَ عِتْقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا فَوَّتَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا الَّتِي كَانَ يَسْتَحِقُّهَا إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافٌ فِي مَرَضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي أَوْلَادِهَا الْحَادِثِينَ الْأَرِقَّاءِ لَهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ لِقَصْدِ الرِّفْقِ بِالْوَرَثَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ كَالْمَالِ الَّذِي يُتْلِفُهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَهِيَ تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لِلْوَصِيَّةِ هُنَا مَعْنًى. وَجَزَمَ بِذَلِكَ الدَّمِيرِيِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مُحَصِّلُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ قَدْرَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتْلَفَةِ تُزَاحِمُ وَصَايَاهُ رِفْقًا بِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ عَيْنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا مَحْسُوبَةً مِنْ ثُلُثِهِ رِفْقًا بِوَرَثَتِهِ لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا الصِّحَّةِ اهـ. وَمَا قَاسَهُ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ، وَلَوْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ لَزِمَ السَّيِّدَ فِدَاؤُهَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَهَا لِمَنْعِهِ مِنْ بَيْعِهَا بِإِحْبَالِهَا وَجِنَايَتِهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنَّمَا قَالَ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ وَعِتْقُهَا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ شَامِلٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا

وَلَوْ أَتَتْ أَمَةُ شَرِيكَيْنِ بِوَلَدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَى كُلٌّ سَبْقَ إيلَادِهِ فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُؤْمَرَانِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ كُلُّهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى ثُبُوتِ اسْتِيلَادِهَا وَوُقِفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَتَعَدَّى إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِي سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا الصِّحَّةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَمَا قَاسَهُ) مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الثُّلُثِ، وَقَاسَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ عَيْنًا وَأَوْصَى بِقِيمَتِهَا مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَتْ أَمَةُ شَرِيكَيْنِ بِوَلَدٍ) أَيْ بِوَلَدٍ حَدَثَ بَعْدَ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَا عَتَقَ كُلُّهَا) أَيْ وَأَمَّا الْوَلَدُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ حَيْثُ أَمْكَنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِمْ إذْ مَسْأَلَةُ الْحَمْلِ سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: الْغَائِبَةُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِيهَامِهِ.

(قَوْلُهُ: لِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا) يَعْنِي ذَكَرَ نَظِيرَهَا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ صُورَةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِي) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْغَرَضَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّا قُلْنَا بِثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فَكَانَ الْكَافِي فِي الْفَرْقِ مِلْكُهُ إيَّاهَا حَالَ الْعُلُوقِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» ) أَيْ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ الْعِتْقَ. إذْ لَوْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَى عِتْقٍ لَمْ يَصْدُقْ ظَاهِرُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: يُزَاحِمُ وَصَايَاهُ) لَعَلَّهُ ثَمَّ إنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثَ بِجَمِيعِهَا عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ يُحْكَمُ بِعِتْقِ بَاقِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَاسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ عَيْنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِوَلَدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ أَوْلَدَهَا كُلٌّ

الصفحة 439