كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 8)

يُدْرَى حِصَّتُهُ مِنْهُ حَبَّةٌ أَوْ دَانِقٌ أَوْ غَيْرُهُمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَهَذَا غُلُوٌّ لَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي: يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ. وَالثَّالِثُ كِفَايَةَ سَنَةٍ. وَالرَّابِعُ: مَا يُعْطَى وَهُوَ حَقُّهُ وَالْبَاقُونَ مَظْلُومُونَ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَكًا كَالْغَنِيمَةِ وَالْمِيرَاثِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُمْ، حَتَّى لَوْ مَاتُوا قُسِّمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِمْ وَهُنَا لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ شَيْئًا، وَهَذَا إذَا صُرِفَ إلَيْهِ مَا يَلِيقُ صَرْفُهُ إلَيْهِ اهـ. وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ، وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ ذَلِكَ بِالْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَنَّ الْأَخْذَ ظَفَرًا مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ مُنِعَ الْمُتَكَلَّمُ فِي أَمْرِهِ الْمُسْتَحَقَّ. وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْعَ ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا سَبَقَ عَنْهُ مِنْ مَنْعِ الْأَخْذِ حَيْثُ لَمْ يَدْفَعْ السُّلْطَانُ إلَى كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ.
وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْ الْجُنْدِ مِنْ الْمَغْنَمِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ خَمَّسَهُ وَلَمْ يُقَسِّمْ الْبَاقِي قِسْمَةً شَرْعِيَّةً وَجَبَ الْخُمُسُ فِي الَّذِي صَارَ إلَى هَذَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَاقِي حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْ الْغَانِمِينَ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْ هَذَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ صَرْفُ مَا صَارَ إلَيْهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى الْقَاضِي كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّفْلِ بِشَرْطِهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَبَقَ عَنْ الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَ مَالِ الْغَنِيمَةِ وَبَيْنَ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ قَالَ كَذَبْتُ فِي دَعْوَايَ وَحَلِفِي وَالْجَارِيَةُ لِمَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَا اسْتِيلَادِهَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرُهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ مَعَ الْمَهْرِ، وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ، فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ، فَإِنْ وَافَقَتْهُ الْجَارِيَةُ عَلَى الرُّجُوعِ لَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَادُ، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَنْكَرَ وَحَلَفَ وَأَوْلَدَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ عَادَ وَقَالَ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي إقْرَارِي وَالْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعِي فَالْحُكْمُ فِي الْمَهْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةِ وَالِاسْتِيلَادِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي طَرَفِ الْمُدَّعِي قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِسُؤَالِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ لَنَا فِي ذَلِكَ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لَهُ

(وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ) هُوَ خَلَقَ الْقُدْرَةَ وَالدَّاعِيَةَ إلَى الطَّاعَةِ كَمَا مَرَّ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: خَلَقَ الطَّاعَةَ وَالْخِذْلَانُ ضِدُّهُ.
وَلَمَّا كَانَ تَأْلِيفُ كِتَابِهِ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ أَشَارَ إلَى التَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ لِاخْتِصَاصِ التَّوْفِيقِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْدِيمِهِ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فَالتَّوْفِيقُ بِهِ تَعَالَى لَا بِغَيْرِهِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنُهْدَى لَوْلَا أَنْ هُدَانَا اللَّهُ) أَتَى بِهِ اقْتِدَاءً بِأَهْلِ الْجَنَّةِ حَيْثُ قَالُوا ذَلِكَ فِي دَارِ الْجَزَاءِ الْمَجْعُولَةِ خَاتِمَةَ أَمْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ: هَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ وَإِقْرَارٌ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَا وَصَلُوا إلَيْهِ مِنْ حُسْنِ تِلْكَ الْعَطِيَّاتِ وَعَظِيمِ تِلْكَ الْمَرَاتِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ حَقُّهُ أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْعَدُوِّ نِكَايَةً تَقْتَضِي تَمْيِيزَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ نَزَعَ أَمَةً بِحُجَّةٍ ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَخْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ وَانْظُرْهُ، مَعَ أَنَّ الظَّافِرَ إذَا ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَبِيعُهُ وَيَتَمَلَّكُ بِهِ جِنْسَ حَقِّهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ جَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ حَقُّهُ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَهُوَ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا زَادَ عَلَى حَقِّهِ، لَكِنْ قَدْ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَهَذَا إذَا صُرِفَ إلَيْهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ إلَخْ) قَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ آنِفًا مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ أَيْضًا بِمَا فِيهَا.

[خَاتِمَةُ الْكِتَابِ]
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ تَأْلِيفُ كِتَابِهِ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ) أَيْ وَالطَّاعَاتُ إنَّمَا تَكُونُ بِمَحْضِ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِلْعَبْدِ فِيهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ إلَخْ) لَمْ أَدْرِ مَرْجِعَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهَا مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوَطِّئَ لَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حَسَنِ تِلْكَ الْعَطِيَّاتِ) لَعَلَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَيُنَاسِبُهُ إضَافَةُ

الصفحة 444