كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 8)

لِعَدَمِ مَنْ يُقَاوِمُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا (فَهُمْ قُطَّاعٌ) كَاَلَّذِينَ بِالصَّحْرَاءِ وَأَوْلَى لِعِظَمِ جَرَاءَتِهِمْ

(وَلَوْ) (عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ) أَوْ وَاحِدًا (وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا) أَيْ نِصَابًا (وَلَا) قَتَلُوا (نَفْسًا) (عَزَّرَهُمْ) وُجُوبًا مَا لَمْ يَرَ فِي تَرْكِهِ مَصْلَحَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ (بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) رَدْعًا لَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ، وَقَدْ فُسِّرَ النَّفْيُ فِي الْآيَةِ بِالْحَبْسِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ، وَلَهُ جَمْعُ غَيْرِهِ مَعَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَيُرْجَعُ فِي قَدْرِهِ وَقَدْرِ غَيْرِهِ وَجِنْسِهِ لِرَأْيِ الْإِمَامِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْحَبْسُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، وَالْأَوْلَى اسْتِدَامَتُهُ إلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ هُنَا نَظَرًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ (وَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ نِصَابَ السَّرِقَةِ) وَلَوْ الْجَمْعُ اشْتَرَكُوا فِيهِ وَاتَّحَدَ حِرْزُهُ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَحَلِّ الْأَخْذِ بِفَرْضِ أَنْ لَا قُطَّاعَ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَحَلُّ بَيْعٍ، وَإِلَّا فَأَقْرَبُ مَحَلِّ بَيْعٍ إلَيْهِ مِنْ حِرْزِهِ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ بِقُرْبِهِ مُلَاحِظٌ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ مِنْ قُوَّتِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ.
قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لَا يُقَالُ: الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ تَمْنَعُ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ لَحِقَ غَوْثٌ لَوْ اُسْتُغِيثَ لَمْ يَكُونُوا قُطَّاعًا.
لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، إذْ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِرْزِ غَيْرُهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ خُصُوصِ الشَّوْكَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ الْحِرْزِ يَكْفِي فِيهِ مُبَالَاةُ السَّارِقِ بِهِ عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يُقَاوِمْ السَّارِقُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهَا الْمَارَّةِ، وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِرَجُلَيْنِ لَا بِغَيْرِهِمَا إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَطَلَبِ الْمَالِكِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ (قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى) لِلْمَالِ كَالسَّرِقَةِ (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِلْمُحَارَبَةِ كَمَا قَالَهُ الْعُمْرَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ إلَّا اقْتَلَعَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا) أَيْ وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ نِصَابًا) أَيْ وَإِنْ أَخَذُوا دُونَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرَ فِي تَرْكِهِ مَصْلَحَةً) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ التَّرْكُ بَلْ قَدْ يَجِبُ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ عَزَّرَهُ زَادَ فِي الطُّغْيَانِ وَآذَى مَنْ قَدَرَ عَلَى إيذَائِهِ (قَوْلُهُ: بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْفَظِيعَةِ) أَيْ الْقَبِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ جَمْعُ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَبْسُ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ مُجْتَمِعِينَ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجَمْعٍ اشْتَرَكُوا فِيهِ) هَلْ الْمُرَادُ شَرِكَةُ الشُّيُوعِ أَوْ الْأَعَمُّ حَتَّى لَوْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ شَيْئًا، وَكَانَ الْمَجْمُوعُ يَبْلُغُ نِصَابًا قُطِعَ الْآخِذُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْقَطْعَ بِالْمُشْتَرَكِ بِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَدَّعِيَ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَفِي الْمُجَاوَرَةِ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَدَّعِيَ بِغَيْرِ مَا يَخُصُّهُ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ أَنَّ الْقَاطِعِينَ لَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْأَخْذِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرُ نِصَابٍ مِنْ الْمَأْخُوذِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: تَمْنَعُ قَطْعَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ قَطْعُ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ) أَيْ فَتَرْكُ الْمُصَنِّفِ لَهُ إحَالَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِقَطْعِ الْيُسْرَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ قَطْعِ الْيُسْرَى عَلَى الْيَدِ الْيُمْنَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ هَذَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ جَزَمَ بِمَا ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ قَطْعَ الْيُسْرَى لِلْمَالِ وَالْمُجَاهَرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمْنَعُوا الِاسْتِغَاثَةَ

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ) أَيْ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ قُطَّاعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ إفْهَامِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ، أَمَّا الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ مَثَلًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إثْبَاتٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ حِرْزُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ الْقَاطِعُ (قَوْلُهُ: مَنْ حَرَّرَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ وَكَذَا قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَ الْمَالِكُ) هُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعُ الْمُقَدَّرِ) : أَيْ وَقَطَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ شَرْطٌ

الصفحة 5