كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 8)

معروفًا بقتل الناس كالمنجنيق والإلقاء في النار لا في ضرب بقضيب كالمسمى بكرباج وظاهره عندهم ولو قصد قتله به (ولا قسامة) على أولياء المقتول فيمن فعل به شيء من ذلك (إن أنفذ مقتله) بشيء مما تقدم (أو مات) منه (مغمورًا) لم يأكل ولم يشرب ولم يفق حتى مات بل يقتل بدونها ومفهومه إن لم ينفذ مقتله بل قطع كفخذه أو لم يمت مغمورًا بل حيى حياة بينة وسواء أكل أو شرب أولًا ثم مات فالقسامة في العمد والخطأ لأنه يحتمل أنه مات من أمر غرض له.
تنبيه: يؤخذ من قوله ولا قسامة إن أنفذ مقتله أن من أجهز عليه بعد إنفاذها لا يقتل المجهز بل يبالغ في عقوبته لأنه اجترم أمرًا عظيمًا ويختص القتل بمن أنفذها وهو نص يحيى عن ابن القاسم وفي سماع أبي زيد يقتل به الثاني فقط وعلى الأول الأدب لأنه بعد إنفاذها معدود في جملة الإحياء ويورث ويرث ويوصي بما شاء من عتق وغيره والأول أظهر قاله ابن رشد أي وإن كان يرث كموت أخيه قبل زهوق روحه ويورث عند ابن القاسم ومعنى قوله: ويورث أنه إذا كان له أخ عبد أو كافر فأسلم أو عتق ثم مات منفوذ المقاتل ورثه وسنذكر ذلك أيضًا عند قوله: إلا أن ينفذ مقتله ويقبل وارثه الدية وعلم. (وكطرح غير محسن للعوم) في نفس الأمر في نهر (عداوة) سواء علم أنه يحسن ذلك لكن ظن أنه لا ينجو منه لشدة برد أو طول مسافة يمل بها من العوم أو يعيا فيغرق أو علم أنه لا يحسن أو شك في ذلك وكذا لعبا وهو يعلم أنه لا يحسن العوم فيقتص منه في هذه الأربع بدون قسامة خلافًا لابن الحاجب فقوله: (وإلا) أي: بأن طرح محسنًا للعوم وعالمًا بذلك أو شك لا على وجه العداوة بل على وجه اللعب فيهما فغرق (فالدية) مخمسة كما هو ظاهرها لا مغلظة كما هو قول ابن وهب:
فالصور ست أربع فيها القصاص واثنتان الدية
ولما فرغ من الضرب الأول وهو المباشرة شرع في الضرب الثاني وهو السبب ولذا فصله بكاف التشبيه فقال: (وكحفر بئر وإن ببيته أو وضع مزلق) كماء أو قشر بطيخ (أو ربط دابة بطريق) قيد في الصورتين قبله (أو اتخاذ كلب عقور) يعقر ويؤذي بلا سبب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبهذا يجمع بين ما هنا وما تقدم في الذكاة لحمل ما في الذكاة على المتأول (وكطرح غير محسن للعوم) بتحصل من كلامهم إنه إن تحقق أنه يحسن العوم فلا قصاص ألقاه لعبًا أو عداوة وأنه إن تحقق أنه لا يحسن العوم فالقصاص مطلقًا وإذا جهل ففي العداوة القصاص وفي اللعب لا قصاص بل الدية فقول المصنف غير محسن للعوم أي في نفس الأمر والملقى جاهل زاد ز ما إذا علم أنه يحسن العوم لكن ظن أنه لا ينجو لشدة برد أو طول مسافة وقول ز بدون قسامة خلافًا لابن الحاجب الخ. يوهم أن ابن الحاجب ذكر القسامة في القتل وليس كذلك إنما قال الدية بقسامة فقال في ضيح ما ذكره من وجوب الدية بقسامة لم أره ولا وجه للقسامة هنا اهـ.

الصفحة 14