كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 8)

مأخوذ من العقر وهو الجرح ويتحقق ذلك بتكرره منه (تقدم لصاحبه) فيه إنذار عند حاكم أو غيره (قصدًا للضرر) في الأربع صور بإتلاف من لا يجوز إتلافه كجن سارق (وهلك المقصود) المعين بفعل ذلك فيقتص من الفاعل مع المكافأة أو المقتول على ما قال في الشامل (وإلا) يهلك المقصود المعين بفعلها بقصد ضرره بل هلك غيره أو فعلها بقصد ضرر غير معين من آدمي محترم أو دابة لا يجوز إتلافها فهلك بها آدمي (فالدية) في هلاك عاقل وقيمة غيره كحفر بئر بطريق لأجل مطر أو حفره بجانب زرعه أو لإتلاف دواب ولم يحظر عليها فإن حظر عليها أو حفرها لمنع دواب عن زرعه لم يضمن التالف ولو عاقلًا وقوله فالدية أي على العاقلة في قصد سارق معين وهلك غيره منهم وفي قصد جنس سارق فهلك واحد أو أكثر من غيرهم وأما منهم ففي ماله وإن لم يقصد بحفر بئر بيته ضرر أحد بل حفره لضرورة عرضت له فوقع فيها إنسان أو غيره فلا ضمان عليه لا قصاص ولا دية بل هدر وكذا لو حضر سربًا مما يعمل مثله للماء بأرضه أو داره فمات به إنسان لم يضمن قاله تت واعترض قوله: تقدم لصاحبه بأنه لا فائدة لهذا الشرط بالنسبة لقصد معين وهلك الذي هو منطوق المصنف إذ يقتل به حينئذ تقدم له فيه إنذار أم لا وإنما فائدته في مفهوم قوله قصدًا للضرر أي فإن اتخذه لا لقصد ضرر فعليه الدية إن تقدم له فيه إنذار ويزاد فيه قيد وهو أن يتخذه بمحل يجوز له اتخاذه فيه كإهلاك سبع وصائد دواب فإن اتخذه بمحل لا يجوز له اتخاذه فيه ضمن ما أتلفه تقدم له فيه إنذار أم لا حيث عرف أنه عقور وإلا لم يضمن لأن فعله حينئذ كفعل العجماء ولو اتخذه في محل لا يجوز له وأشار للنوع الثاني وهو السبب أيضًا وفصله بالكاف عما قبله مع أنه من الضرب الثاني كما مر لتعلق القصاص فيه بالمتسبب والمباشر في أول صورة وآخرها فقال (وكالإكراه) فيقتل المكره بالكسر لتسببه والمكره بالفتح لمباشرته إن لم يمكنه مخالفة الأمر خوف قتله فكلامه مجمل يفضله الآتي له في قوله فإن لم يخف المأمور اقتص منه فقط (وتقديم مسموم) من طعام أو شراب أو لباس عالمًا مقدمه بأنه مسموم ولم يعلم به الآكل فإن لم يعلم به مقدمه أو علم وعلم به الآكل أيضًا فلا قصاص ولا أدب على المقدم فيما يظهر (ورميه حية) يعلم أنها قاتلة وهي حية (عليه) فمات وإن لم تلدغه خلافًا للشيخ داود وتبعه تت في صغيره فيقتص منه ولا يقبل منه إنه أراد اللعب وأما رميه الصغيرة التي لا تعرف بأنها قاتلة على وجه اللعب فلا يقتل به إن مات من الخوف أو كانت ميتة فرماها على وجه اللعب فمات من الخوف فلا يقتل به أيضًا بل الدية عليه في الصورتين فإن كان على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وهلك المقصود وإلا فالدية) قول ز كحفر بئر بطريق لأجل مطر الخ. هذا إذا كان في الحفر ضرر وإلا فلا ضمان عليه قال في ضيح عند قول ابن الحاجب والتسبب كحفر بئر الخ. نص مالك على أنه لو حفر شيئًا مما يجوز له في داره أو في طريق المسلمين مثل بئر لمطر فإنه لا غرم عليه بما عطب في ذلك كله لشهب وهذا إذا لم يضر ما حفره بالطريق اهـ.

الصفحة 15