كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 8)

وظاهر قوله هنالك فللولي لا له الخ. إنه إذا ردّ الولي الصلح وأبى من القسامة فليس لي شيء مما وقع الصلح به وكذا يجري هنا (وللقاتل) إن ادعى العفو عنه وأنكر الولي (الاستحلاف على) عدم (العفو) أو إن على بمعنى في السببية أي في دعوى العفو أي بسبب دعوى العفو (فإن) حلف ولي الدم على عدمه ثبت الدم وإن (نكل) ردت اليمين على القاتل و (حلف) يمينًا (واحدة) لا خمسين لأن الولي إنما يحلف واحدة أنه لم يعف فردها على الجاني (و) إذا حلفها (برىء) وإن نكل قتل بلا قسامة لأن دعوى القاتل إن ولي الدم عفا عنه تتضمن اعترافه بالقتل (وتلوم له) أي للقاتل (في بينته) الشاهدة له بالعفو (الغائبة) بعد حلفه أن له بينة غائبة قربت غيبتها أو بعدت كما هو ظاهر المدونة وأبقاها على ظاهرها عياض والصقلي وقيدها بالقرب غيرهما لكن في مسألة قذف ادعى القاذف العفو عنه وإن له بينة قريبة وإلا لم يتلوم له فيمكن جريان ما هنا على ذلك لأنه ذريعة لإبطال الحقوق ويقتص وعلى الأول فالفرق بين القذف وبين ما هنا شدة أمر الدماء فإن اقتص الحاكم بعد التلوم فقدمت وشهدت بالعفو فينبغي أن تكون الدية في مال الولي ولا يقتص منه ولا يكون من خطأ الإمام فإن اقتص الحاكم من غير تلوم فعلى عاقلته قطعًا فيما يظهر وانظر إذا قتله الولي من غير تلوم فهل كذلك على عاقلته أو يقتص منه (وقتل بما قتل) به (ولو نارًا) لعموم قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} [النحل: 126] بمثل ما عوقبتم به وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] بمثل ما اعتدى عليكم ولا تشترط المماثلة في الصفة بدليل كذي عصوين وهذا إذا ثبت القتل ببينة فإن ثبت بقسامة لم يقتل إلا بالسيف قاله ابن رشد انظر الشارح وفهم من قوله بما قتل أن الجرح ليس كذلك إذ يطلب فيه القصاص من الجاني بأرفق مما جنى به فإذا أوضحه بحجر أو عصا اقتص منه بالموسى (لا بخمر ولواط) ثبت عليه بشاهدين على إقراره أنه لاط به أو أنه سقاه خمرًا حتى مات من اللواط أو الخمر ثم رجع فلا يقتل بما قتل به بل يقتل قصاصًا بالسيف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالاقتصار على التعليل الأول (وللقاتل الاستحلاف على العفو) قول ز أو أن على بمعنى في السببية الخ فيه نظر إذ لم يذكروا في علي بمعنى في إلا الظرفية نحو ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها كما في المغني وغيره ولو قال إنها بمعنى على التي للتعليل كاللام كان أولى نحو قوله ولتكبروا الله على ما هداكم أي لهدايته إياكم واعلم أن ما ذكره المصنف نحوه في المدونة وهو مشكل مع قولهم وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها وقد صرح ابن الحاجب بأن العفو لا يثبت إلا بعدلين ولم ينقد ابن عرفة على هذا البحث قاله ابن عاشر وقال مس قوله فإن نكل الخ. يرد قولهم إن العفو لا يثبت إلا بعدلين فإنه قد ثبت هنا بالنكول واليمين اهـ.
وقال المتيطي اختلف إذا قام للقاتل شاهد واحد بالعفو ففي الشهادات من مختصر أبي محمَّد أنه لا تجوز شهادته ونحوه لأبي عمران وقال بعض فقهاء القرويين يحلف مع شاهده ويبرأ واحتج بمسألة ابن القاسم في ادعاء القاتل العفو اهـ.

الصفحة 48