كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 8)

[عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا زَوَّجَهُ فَاطِمَةَ بَعَثَ مَعَهَا بِخَمْلَةٍ وَوِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَرَحَائَيْنِ وَسِقَاءٍ وَجَرَّتَيْنِ. قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ ذَاتَ يَوْمٍ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى قَدِ اشْتَكَيْتُ صَدْرِي وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ أَبَاكِ بِسَبْيٍ فَاذْهَبِي فَاسْتَخْدِمِيهِ. فَقَالَتْ: وَأَنَا وَاللَّهِ قَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَايَ. فَأَتَتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ قَالَتْ:
جِئْتُ لأُسَلِّمَ عَلَيْكَ. وَاسْتَحْيَتْ أَنْ تَسْأَلَهُ وَرَجَعَتْ. فَقَالَ: مَا فَعَلْتِ؟ قَالَتْ: اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ. فَأَتَيَاهُ جَمِيعًا فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى اشْتَكَيْتُ صَدْرِي. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ: قَدْ طَحَنْتُ حَتَّى مَجَلَتْ يَدَايَ وَقَدْ أَتَى اللَّهُ بِسَبْيٍ وَسَعَةٍ فَاخْدُمْنَا. قَالَ: وَاللَّهِ لا أُعْطِيكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تُطْوَى بُطُونُهُمْ لا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنِّي أَبِيعُهُمْ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمْ أَثْمَانَهُمْ. فَرَجَعَا فَأَتَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ دَخَلا فِي قَطِيفَتِهِمَا إِذَا غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا تَكَشَّفَتْ أَقْدَامُهُمَا وَإِذَا غَطَّيَا أَقْدَامَهُمَا تَكَشَّفَتْ رُءُوسُهُمَا فَثَارَا فَقَالَ: مَكَانَكُمَا. أَلا أُخْبِرُكُمَا بِخَيْرِ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي؟ فَقَالا: بَلَى. فَقَالَ: كَلِمَاتٌ عَلَّمَنِيهُنَّ جِبْرِيلُ تُسَبِّحَانِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا وَتَحْمَدَانِ عَشْرًا وَتُكَبِّرَانِ عَشْرًا وَإِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَاحْمَدَا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين.
قال: فو الله مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ عَلَّمَنِيهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: وَلا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟
فَقَالَ: قَاتَلَكُمُ اللَّهُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ. وَلا لَيْلَةَ صِفِّينَ] .
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: [كَانَ فِي عَلِيٍّ عَلَى فَاطِمَةَ شِدَّةٌ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لأَشْكُوَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ! فَانْطَلَقَتْ وَانْطَلَقَ عَلِيٌّ بِأَثَرِهَا. فَقَامَ حَيْثُ يَسْمَعُ كَلامَهُمَا. فَشَكَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ غِلَظَ عَلِيٍّ وَشِدَّتَهُ عَلَيْهَا. فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ اسْمَعِي وَاسْتَمِعِي وَاعْقِلِي. إِنَّهُ لا إِمْرَةَ بِامْرَأَةٍ لا تَأْتِي هَوَى زَوْجِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ. قَالَ عَلِيٌّ: فَكَفَفْتُ عَمَّا كُنْتُ أَصْنَعُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا آتِي شَيْئًا تَكْرَهِينَهُ أَبَدًا] .
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ [قَالَ: كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ كَلامٌ. فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَلْقَى لَهُ مِثَالا فَاضْطَجَعَ عَلَيْهِ.
فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَاضْطَجَعَتْ مِنْ جَانِبٍ. وَجَاءَ عَلِيٌّ فَاضْطَجَعَ مِنْ جَانِبٍ. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِ عَلِيٍّ فَوَضَعَهَا عَلَى سُرَّتِهِ وَأَخَذَ بِيَدِ فَاطِمَةَ فَوَضَعَهَا عَلَى سُرَّتِهِ وَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ خَرَجَ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: دَخَلْتَ وَأَنْتَ عَلَى حَالٍ وَخَرَجْتَ وَنَحْنُ نَرَى الْبِشَرَ فِي وَجْهِكَ. فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أَصْلَحْتُ بَيْنَ أَحَبِّ اثْنَيْنِ إِلَيَّ؟] .

الصفحة 21