كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 8)

قال أبو حنيفة: يجب أن يقطع ثلاثاً من الأربع، وهن: الحلقوم، والمريء والودجان.
وقال أبو يوسف: يجب أن يقطع المرئ والحلقوم، وإحدى الودجين.
وقال محمد بن الحسن: إذا قطع الأكثر من كل واحد-: حل، فلو ذبحه، من جانب قفاه-: يعصي، ثم ينظر:
إن أصاب السكين مريئه وحلقومه، وفيه حياة مستقرة-: حل، وإن لم يبق فيه إلا حركة المذبوح-: ولم تحل؛ وكذلك: لو أدخل السكين في أذن الثعلب؛ ليقطع حلقه في باطن الجلد: فإن أصاب السكين حلقه، والحياة فيه مستقرة، فقطه-: حل؛ وإلا فلا يحل.
والسنة في الإبل: النحر، وهو: قطع اللبة أسفل العنق، وفي البقر والغنم: الذبح، وهو: قطع الحلق أعلى العنق؛ لأن عنق البعير طويل، فإذا قطع فيه أعلى العنق-: يتباطأ خروج روحه.
فلو أنه ذبح الإبل، ونحر البقر والغنم-: جاز.
وقال مالك: لو ذبح البعير، أو نحر الشاة-: لا يحل، وفي البقر: يتخير بينهما.
أما غير المقدور عليه: كالصيد الممتنع: فجميع بدنه مذبح، إذا رمى إليه، أو أرسل كلباً عليه، فأي موضع من بدنه أصاب، ومات-: حل أكله، وكذلك الإنسي إذا توحش، بأن ند بعير، أو شاة، فلم يقدر عليها فرمى إليها، وقتلها، أو أرسل عليها كلباً، حتى قتلها-: حلت.
وقال مالك- رحمه الله-: الإنسي إذا توحش-: فلا يحل إلا بقطع الحلقوم.
والدليل عليه: ما روي عن رافع بن خديج قال: "أصبنا نهب إبل وغنم، فند منها بعير، فرماه رجل بسهم، فحبسه، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا".
وكذلك: لو وقع بعير في بئر منكوساً، فلم يمكنه قطع حلقه، فطعن في خاصرته، أو في شيء من بدنه، فجرحه، فمات-: حل.

الصفحة 14