كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 8)

والآلة التي يصطاد بها قسمان:
أحدهما: الآلات المحددة من السهام، وغيرها.
والثاني: الجوارح من السباع من الفهد، والكلب وغيرهما، ومن الطيور كالبازي، والصقر، وغيرهما.
أما الأول: إذا رمى إلى صيد بشيء محدد سوى العظم من سهم أو رمح، أو سكين، أو خشب محدد الطرف، أو مروة محددة فأصابه وجرحه بحده، فمات-: حل أكله.
ولو رمى إليه بسهم لا نصل له، ولا رأسه محددة، قذفه فقتله، أو كان فيه نصل، ولكن أصابه ثقله [بحرفه]، أو أصابه النصل، ولم يجرحه، فمات-: لا يحل، كما لو رمى إليه بندقة، فقتله.
روي عن عدي بن حاتم الطائي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم-: عن صيد المعراض؟ فقال: "إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فلا تأكل؛ فإنه وقيذ.
وكذلك: لو نصب أحبولة، وفيها حديدة، فوقع فيها صيد، فجرحته الحديدة، فقتلته-: لا يحل؛ لأنه مات بغير فعل من أحد، إنما هو تسبييب، ولا تحل الذبيحة بالقتل بالتسبيب.
وكذلك: لو كان رأس الحبل بيده، فتعلق به الصيد فجره فمات-: لم يحل، ولو كان الصيد يعدو، وبيده محدد، فضربه-: يحل.
أما الجوارح من السباع: إذا كانت معلمة، وأشلاه صاحبه على صيد، فأخذ الصيد، وجرحه بسنه أو مخلبه أو ظفره، فقتله-: حل أكله؛ لقول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ} [المائدة: 4] وإن لم تجرحه الجارحة، فقتلته بالضغطة-: هل يحل؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يحل؛ كما لو مات بثقل السهم، وبه قال أبو حنيفة.
والثاني: يحل؛ بخلاف السهم؛ لأن تعلم الرماية وتحديد نصل السهم إليه، وليس إليه تعليم الجارحة الجرح؛ فسقط حكمه.

الصفحة 15