كتاب المبدع في شرح المقنع (اسم الجزء: 8)

بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي، وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فِيهِ، وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ ; لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِمِلْكٍ قَدِيمٍ فَلَمْ يَثْبُتْ، وَالْحُرِّيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَقِيلَ: تَثْبُتُ كَالَّتِي قَبْلَهَا.
مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ الْحَلِفُ بِمَعْرِفَةِ الْخَطِّ. كَمَنْ رَأَى خَطَّ مَوْرُوثِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ شَيْئًا، أَوْ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، حَلَفَ إِذَا وَثِقَ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ. وَإِنْ رَأَى زَيْدٌ بِخَطِّهِ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى عَمْرٍو أَوْ أَنَّهُ قَضَاهُ وَعَلِمَ صِحَّةَ ذَلِكَ، حَلَفَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ غَصَبَهُ شَيْئًا، حَلَفَ عَلَيْهِ وَضَمِنَهُ إِيَّاهُ، وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الشَّهَادَةَ لِغَيْرِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ قَدْ زَوَّرَ عَلَى خَطِّهِ، وَلَا يُحْتَمَلُ هَذَا فِيمَا يُحْلَفُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ إِنَّمَا هُوَ لِلْحَالِفِ فَلَا يُزَوِّرُ أَحَدٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ مَا يَكْتُبُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ حُقُوقِهِ يَكْثُرُ فَيَنْسَى بَعْضَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ. وَالْأَوْلَى التَّوَرُّعُ عَنْ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ]
[مَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَمَا تُرَدُّ فِيهِ]
بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يُسْأَلُ عَنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. فَقَالَ: هِيَ جَائِزَةٌ.
وَكَانَ قَوْمٌ يُسَمُّونَهَا التَّأْوِيلَ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَجْمَعَتِ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ عَلَى إِمْضَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ.
وَالْمَعْنَى شَاهِدٌ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تُقْبَلْ لَبَطَلَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوُقُوفِ، وَمَا يَتَأَخَّرُ إِثْبَاتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَوْ مَاتَتْ شُهُودُهُ. وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ وَمَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَوَجَبَ قَبُولُهَا كَشَهَادَةِ الْأَصْلِ. (تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي، وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فِيهِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فَرْعًا لِأَصْلٍ. وَذَكَرَ

الصفحة 338