كتاب المبدع في شرح المقنع (اسم الجزء: 8)

كِتَابُ الْإِقْرَارِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ

فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْإِقْرَارِ] [تَعْرِيفُ الْإِقْرَارِ]
الْإِقْرَارُ: الِاعْتِرَافُ، وَهُوَ إِظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا. وَقِيلَ: تَصْدِيقُ الْمُدَّعِي حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا.
وَشَرْعًا: إِظْهَارُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْمُخْتَارِ مَا عَلَيْهِ: لَفْظًا أَوْ كِتَابَةً فِي الْأَقْيَسِ، أَوْ إِشَارَةً، أَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ، أَوْ مَوْرُوثِهِ، أَوْ مُوَلِّيهِ، بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ فِيهِ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ.
وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] الآية. {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: 102] ، وَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] .
وَرَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِهِ. وَقَالَ لِأُنَيْسٍ: «اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَلَى وَجْهٍ تَنْتَفِي عَنْهُ التُّهْمَةُ وَالرِّيبَةُ.
وَلِهَذَا كَانَ آكَدَ مِنَ الشَّهَادَةِ. فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا اعْتَرَفَ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ. وَإِنْ كَذَّبَ الْمُدَّعِي بَيِّنَتَهُ لَمْ تُسْمَعْ. فَلَوْ كَذَّبَ الْمُقِرَّ ثُمَّ صَدَّقَهُ سُمِعَ. (يَصِحُّ الْإِقْرَارُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) كَذَا فِي الْوَجِيزِ. أَيْ: يَصِحُّ بِمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْتِزَامُهُ، كَحَقِّ

الصفحة 361