كتاب المبدع في شرح المقنع (اسم الجزء: 8)

وَالنِّمْسِ، وَالْقِرْدِ، إِلَّا الضَّبُعَ.

وَمَا لَهُ مِخْلَبٌ مِنَ الطَّيْرِ يَصِيدُ بِهِ، كَالْعُقَابِ، وَالْبَازِي،
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ يَخُصُّ بِهِ عُمُومَ الْآيَاتِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ. وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِمَنْ يَبْدَأُ بِالْعَدْوَى، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يُدَاوَى بِلَحْمِ كَلْبٍ، قَالَ: لَا شَفَاهُ اللَّهُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، (وَالْخِنْزِيرِ) ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَابٌ يَفْرِسُ بِهِ، (وَابْنِ آوَى) سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْهُ، وَعَنِ ابْنِ عُرْسٍ، فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يَنْهَشُ بِأَنْيَابِهِ فَهُوَ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَأْخُذُ بِمَخَالِيبِهِ فَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا مِنْهُ يُعْطِي أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِمَا الْقُوَّةُ، وَأَنَّهُ أَضْعَفُ مِنَ الثَّعْلَبِ، وَإِنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوا الْقُوَّةَ، وَلِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ غَيْرُ مُسْتَطَابٍ، وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْكَلْبَ، وَرَائِحَتُهُ خَبِيثَةٌ، فَيَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] ، (وَالسِّنَّوْرِ) الْأَهْلِيِّ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ الْهِرِّ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: غَرِيبٌ، قَالَ أَحْمَدُ: أَلَيْسَ يُشْبِهُ السِّبَاعَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ فِي كَلَامِهِ إِلَّا الْكَرَاهَةُ. وَجَعَلَهُ أَحْمَدُ قِيَاسًا، وَأَنَّهُ يُقَالُ: يَعُمُّهَا اللَّفْظُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: هُوَ سَبُعٌ، وَيَعْمَلُ بِأَنْيَابِهِ كَالسَّبُعِ، وَنَقَلَ فِيهِ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ، قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ مَسْخٌ. (وَابْنِ عُرْسٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ، (وَالنِّمْسِ) لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ السِّبَاعِ، (وَالْقِرْدِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَرَوَى الشَّعْبِيُّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لَحْمِ الْقِرْدِ» ، وَلِأَنَّهُ سَبُعٌ لَهُ نَابٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ مَسْخٌ، فَيَكُونُ مِنَ الْخَبَائِثِ الْمُحَرَّمَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِذِكْرِ الدُّبِّ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا خِلَافًا لِابْنِ رَزِينٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: كَبِيرٌ، وَهُوَ سَهْوٌ، قَالَ أَحْمَدُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَابٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْفِيلُ، (إِلَّا الضَّبُعَ) فَإِنَّهُ مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَابٌ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ، قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الضَّبُعِ، فَقَالَ: هُوَ صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. لَا يُقَالُ: بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي

الصفحة 5