كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 8)

@ 25 @

$ ذكر وفاة المنصور بن أبي عامر $
في هذه السنة توفي أبو عامر محمد بن أبي عامر المعافري الملقب بالمنصور أمير الأندلس مع المؤيد هشام بن الحاكم وقد تقدم ذكره عند ذكر المؤيد وكان أصله من الجزيرة الخضراء من بيت مشهور بها وقدم قرطبة طالبا للعلم وكانت له همة فتعلق بوالدة المؤيد في حياة أبيه المستنصر
فلما ولي هشام كان صغيرا فتكفل المنصور لوالدته القيام بأمره وإخماد الفتن الثائرة عليه وإقرار الملك عليه فولته أمره وكان شهما شجاعا قوي النفس حسن التدبير فاستمال العساكر وأحسن إليهم فقوي أمره وتلقب بالمنصور
وتابع الغزوات إلى الفرنج وغيرهم وسكنت البلاد معه فلم يضطرب منها شيء
وكان عالما محبا للعلماء يكثر مجالستهم ويناظرهم و قد أكثر العلماء ذكر مناقبه وصنفوا لها تصانيف كثيرة
ولما مرض كان متوجها إلة الغزو فلم يرجع ودخل بلاد العدو فنال منهم وعاد وهو مثقل فتوفي بمدينة سالم
وكان قد جمع الغبار الذي وقع على درعه في غزواته شيئا صالحا
فأمر أن يجعل في كفنه تبركا به
وكان حسن الاعتقاد والسيرة عادلا كانت أيامه أعيادا لنضارتها وأمن الناس فيها رحمه الله
وله شعر جيد وكانت أمه تميمية
ولما مات ولي بعده ابنه المظفر أبو مروان عبد الملك فجرى مجرى أبيه
$ ذكر محاصرة فلفل مدينة قابس وما كان منه $
في هذه السنة سار يحيى بن علي الأندلسي وفلفل من طرابلس إلى مدينة قابس من عسكر كثير فحصروها ثم زجعوا إلى طرابلس
ولما رأى يحيى بن علي ما هو عليه من قلة المال واختلال حاله وسوء مجاورة فلفل وأصحابه له رجع إلى مصر إلى الحاكم بعد أن أخذ فلفل وأصحابه خيولهم وما اختاروه من عددهم بين الشراء والغضب
فأراد الحاكم قتله ثم عفا عنه
وأقام فلفل بطرابلس إلى سنة أربعمائة فمرض وتوفي وولي أخوه ورو فأطاعته زناتة واستقام أمره
فرحل باديس إلة طرابلس لحرب زناتة
فلما بلغهم رحيله فارقوها وملكها باديس ففر أهلها
وأرسلوا ورو أخو فلفل إلى باديس يطلب أن يكون هو ومن معه من زناتة في أمانه ويدخلون في طاعته ويجعلهم عمالا كسائر عماله فأمنهم

الصفحة 25