@ 479 @
في الملك ويدك مع يدي في السلطنة فلذلك حكم وإن كنت نائبي وبحكمي فيجب أن تلزم حد التبعية وانيابة وهؤلاء أولاده قد استولى كل واحد منهم على كورة عظيمة وولي ولاية كبيرة ولم يقنعهم ذلك حتى تجاوزوا أمر السياسة وطمعوا إلى أن فعلوا كذا وكذا وأطال القول وأرسل معهم الأمير يلبرد وكان من خواصه وثقاته وقال له تعرفني ما يقول فربما كتم هؤلاء شيئا فحضروا عند نظام الملك وأروردوا عليه الرسالة فقال لهم قولوا للسلطان إن كنت ما علمت أني شريكك في الملك فاعلم فإنك ما نلت هذا الأمر إلا بتدبيري ورأيي أما يذكر حين قتل أبوه فقمت بتدبير أمره وقمعت الخوارج عليه من أهله وغيرهم منهم فلان وفلان وذكر جماعة من خرج عليه وهو ذلك الوقت يتمسك بي ويلزمني ولا يخالفني فلما قدت الأمور إليه وجمعت الكلمة عليه وفتحت الأمصار القريبة والبعيدة وأطاعه القاصي والداني أقبل يتجنى لي الذنوب ويسمع في السعايات وقولوا له عني إن ثبات تلك القلنسوة معذوق بهذه الدواة وإن اتفاقهما رباط كل رغيبة وسبب كل غنيمة ومتى أطبقت هذه زالت تلك فإن عزم على تغير فيلتزود للاحتياط وقبل وقوعه وليأخذ الحذر من الحادث أمام طروقه وأطال فيما هذا سبيله ثم قال لهم قولوا للسطان عني مهما أردتم فقد أهمني ما لحقني من توبيخه وفت في عضدي فلما خرجوا من عنده اتفقوا على كتمان ما جرى عن السلطان وأن يقولوا له ما مضمونه العبودية والتنصل ومضوا إلى منازلهم وكان الليل قد انتصف ومضى يلبرد إلى السلطان فأعلمه ما جرى وبكر الجماعة إلى السلطان وهو ينتظرهم فقالوا له من الاعتذار والعبودية ما كانوا اتفقوا عليه فقال لهم السلطان إنه لم يقل هذا وإنما قال كيت وكيت فأشاروا حينئذ بكتمان ذلك رعاية لحق نظام الملك وسابقته فوقع التدبير عليه حتى تم عليه من القتل ما تم ومات السلطان بعده بخمسة وثلاثين يوما وانحلتالدولة ووقع السيف وكان قول نظام الملك شبه الكرامة له وأكثر الشعراء مراثيه فمن جيد ماقيل قول شبل الدولة مقاتل بن عطية
( كان الوزير نظام الملك لؤلؤة ... يتيمة صاغها الرحمن من شرف )
( عزت فلم تعرف الأيام قيمتها ... فردها غيره منه إلى الصدف )
ورأى بعضهم نظان الملك بعد قتله في المنام فسأله عن حاله فقال كان يعرض علي جميع عملي لولا الحديدة التي أصبت بها يعني القتل