@ 481 @
ببناء المدارس في سائر الأمصار والبلاد وأجرى لها الجرايات العظيمة وأملى الحديث بالبلاد ببغداد وخراسان وغيرها وكان يقول إني لست من أهل هذا الشأن لما تولاه ولكني أحب أن أجعل نفسي على قطار نقله حديث رسول الله وكان إذا سمع المؤذن أمسك عن كل ما هو فيه تجنبه فإذا فرغت لا يبدأ بشيء قبل الصلاة
وكان إذا غفل المؤذن ودخل الوقت يأمره بالأذان وهذا غاية حال المنقطعين إلى العابداة في حفظ الأوقات ولزوم الصلاوات وأسقط المكوس والضرائب وأزال لعن الأشعرية من المنابر
وكان الوزير عميد الملك الكندري قد حسن للسلطان طغرلبك التقدم بلعن الرافضة فأمره بذلك فأضاف إليهم الأشعرية ولعن الجميع فلهذا فارق الكثير من الأئمة بلادهم مثل إمام الحرمين وأبي القاسم القشيري وغيرهما
فلما ولي ألب أرسلان السلطنة أسقط نظام الملك ذلك جميعه وأعاد العلماء إلى أوطانهم وكان نظام الملك إذا دخل عليه الإمام أبو القاسم القشيري والإمام أبو المعالي الجويني يقوم لهما ويجلس في مسنده كما هو وإذا دخل أبو علي الفارمذي يقوم إليه ويجلسه في مكانه ويجلس هو بين يديه فقيل له في ذلك فقال إن هذين وأمثالهما إذا دخلوا علي يقولون لي أنت كذا وكذا يثنون علي بما ليس بي فيزيدني كلامهم عجبا وتيه وهذا الشيخ يذكر لي عيوب نفسي وأما أنا فيه من الظلم فتنكسر نفسي لذلك وأرجع عن كثير مما أنا فيه
وقال نظام الملك كتنت أتمنى أن يكون لي قرية خالصة ومسجد أتفرد فيه لعبادة ربي ثم بعد ذلك تمني أن يكون لي قطعة أرض أتقوت بريعها ومسجد أعبد الله فيه وأما الآن فأنا أتمنى أن يكون لي رغيف كل يوم ومسجد أ بد الله فيه
وقيل كان ليلة بأكل الطعام وبجانبه أخوه أبو القاسم وبالجانب الآخر عميد خراسان و إلى جانب العميد إنسان فقير مقطوع اليد فنظر نظام الملك فرأى العميد يتجنب الأكل من المقطوع فأمره بالانتقال إلى الجانب الآخر وقرب المقطوع إليه فأكل معه وكانت عادته أن يحضر الفقراء ويقربهم إليه ويدنيهم وأخباره مشهورة كثيرة قد جمعت لها المجاميع السائرة في البلاد
$ ذكر وفاة السلطان وذكر بعض سيرته $
صار السلطان ملكشاه بعد قتل نظام الملك إلى بغداد ودخلها في الرابع والعشرين من شهر رمضان ولقيه وزير الخليفة عميد الدولة بن جهير وظهرت من تاج الملك كفاية