كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 8)

@ 483 @
مصاحبا للسلامة
وقال عبد السميع بن داود العباسي شاهدت ملكشاه وقد أتاه من أرض العراق السفلى من قريه الحدادية يعفران بابني غزال فلقياه فوقه لهما فقالا إن مقطعنا الأمير خمار تكين قد صادرنا بألف وستمائة دينار وقد كسر ثنيتي أحدنا وأراهما السلطان وقد قصدناك لتقتص لنا منه فإن أخذت بحقتا كما أوجب الله عليك وإلا فالله يحكم بيننا قال فرأيت السلطان وقد نزل عن دابته وقال ليمسك كا واحد منكما بطرف كمي واسحباني إلى خواجه حسن يعني نظام الملك فامتنعا من ذلك واعتذر فأقسم عليهما إلا فعلا فأخذ كا واحد منهما بكم من كميه ومشى معهما إلى نظام الملك فبلغه الخبر فخرج مسرعا فلقيه وقبل الأرض وقال يا سلطان العالم ما حملك على هذا فقال كيف يكون حالي غدا عند الله إذا طولبت بحقوق المسلمين وقد قلدتك هذا الأمر لتكفيني مثل هذا الموقف فإن نال الرعية أذى فأنت المطالب فانظر لي ولنفسك فقبل الأرض ومشى في خدمته وعاد من وقتي وكتب بعزل الأمير خمارتكين ورد المال عن أقطاعه ورد المال عليها وأعطاها مائة دينار من عنده وأمرهما بإثبات البينة أنه ليقلع ثنيتيه عوضهما فرضيا وانصرفا
وقيل إنه ورد بغداد ثلاث دفعات فخافه الناس من غلاء الأسعار وتعدي الجند فكانت الأسعار أرخص منها قبل قدومه
وكان الناس يخترقون عساكره ليلا ونهارا فلا يخافون أحدا ولم يتعد عليهم أحد وأسقط المكوس والمؤذن من جميع البلاد وعمر الطرق والقناطر والربط التي في المفاوز وحفر الأنهار الخراب وعمر الجامع ببغداد وعمل المصانع بطرق مكة وبنى البلد بأصبهان وبنى منارة القرون في السبيعي بطريق مكة وبنى مثلها بما وراء النهر
واصطاد مرة صيدا كثيرا فأمر بعده فكان عشرة آلاف رأس فأمره بصدقة عشرة آلاف دينار وقال أني خائف من الله تعالة كيف أزهقت أرواح هذه الحيوانان بغير ضرورة ولا مأكلة وفرق من الثياب والأموال بين أصحابه ما لا يحصى وصار بعد ذلك كلما صاد شيئا تصدق بعدده دنانير وهذا فعل من يحاسب نفسه على حركاته وسكناته وقد أكثر الشعراء مراثيه أيضا
وقيل إن بعض أمراء السلطان كان نازلا بهراة مع بعض العلماء اسمه عبد الرحمن في داره فقال يوما ذلك الأمير السلطان وهو سكران إن عبد الرحمن يشرب

الصفحة 483