كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 8)
فأما الأخبار: فمنها ما خرَّجه مالك من مرسل ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل باع متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه شيئًا فوجده بعينه، فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه، فصاحب المتاع أسوة الغرماء" (¬1).
ويعارضه ما رواه ابن أبي ذئب عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما رجل مات أو فلس، فصاحب المتاع أحق به (¬2).
فسوَّى في هذه الرواية بين الموت والفلس.
وأما الاعتبار: فإن مالكًا فرق بين الموت والفلس بناء على أن ذمة الغريم في الفلس قائمة؛ فيتبعه غرماؤه بما بقى عليه، وذلك لا يتصور في الموت، وهذا قياس معنى.
وأما الشافعي: فإنه قال: هذا مال لا يتصرف فيه لمالكه إلا بعد أداء ما عليه، فأشبه مال المفلس، وهذا قياس.
وقياس مالك أولى من قياس الشافعي، ويرجح حديثه على حديث [ابن أبي ذئب] (¬3) من جهة موافقة القياس له؛ وذلك أن ما وافق من الأحاديث المتعارضة قياس المعنى، فهو أقوى مما وافقه قياس الشبه.
ومن مثل ما خرَّج مالك خرَّجه عبد الرزاق.
فإذا قلنا: إنه في الفلس أولى بسلعته، فإن أراد الغرماء أن يفتكوها
¬__________
(¬1) أخرجه مالك (1357)، وأبو داود (3520)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
(¬2) أخرجه ابن ماجة (2360)، والحاكم (2314)، والدارقطني (3/ 29)، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
(¬3) في أ: ذؤيب.