كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 8)
أكثر منه: فهو رهن بما فيه، وإن كان أقل من الدين ذهب من الدين بقدره، ورجع المرتهن على الراهن فيما نقص من حقه.
والمذهب الثالث: التفصيل بين ما يغاب عليه أو ما لا يغاب عليه، وهو مذهب مالك، والأوزاعي، وعتبان الليثي -رضي الله عنهم.
وسبب الخلاف: تعارض الآثار, وتجاذب الاعتبار؛ فمنها حديث ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يغلق الرهن -وهو ممن رهنه- له غنمه وعليه غرمه" (¬1)، وبهذا احتج من جعله أمانة محضة غير مضمون أبى له غلته، وخراجه وعليه فكاكه ومصيبته منه.
ومن طريق المعنى: أن الراهن قد رضي أمانة المرتهن، فأشبه المودع.
ومنها ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا رهن فرسًا لرجل، فنفق في يديه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمرتهن: "ذهب حقك" (¬2)، وبهذا استدل من يقول: إن ضمانه من المرتهن، وربما تأولوا قوله عليه السلام: "له غنمه وعليه غرمه"، أن غنمه [ما فضل منه على الدين] (¬3)، وغرمه ما نقص.
وعمدتهم من طريق النظر: أنه عين تعلق به [حق] (¬4) الاستيفاء ابتداء، فوجب [أن يسقط تبعتها] (¬5) [بتلف] (¬6) أصله تلف المبيع عند البائع إذا أمسكه حتى يستوفي حقه في الثمن، [وهذا] (¬7) متفق عليه عند
¬__________
(¬1) أخرجه مالك (1411)، وابن ماجة (2441)، وابن حبان (5934)، والحاكم (2315)، والدارقطني (3/ 32)، والبيهقي في الكبرى (11001)، وضعفه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى.
(¬2) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (5449)، وهو ضعيف.
(¬3) في ب: ما فضل من الدين.
(¬4) سقط من أ.
(¬5) بياض في ب.
(¬6) سقط من أ.
(¬7) في أ: وهو.