كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 8)

الحرم: فتجب طاعته حينئذ على كل حال.
فالحكم بالعدل من أفضل أعمال البر، وأعلى درجات الأجر، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬1)، وقال - صلى الله عليه وسلم - "المقسطون على منابر من نور يوم القيامة على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين" (¬2)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم القيامة لا ظل إلا ظله" (¬3)، فبدأ بالإمام العادل.
والجور في الأحكام، واتباع الهوى فيها من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، قال الله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (¬4)، يقال: قسط: إذا جار، وأقسط: إذا عدل.
والقضاء محنة، ومن دخله فقد ابتلى بعظيم؛ لأنه قد عرض نفسه للهلاك؛ إذ التخلص على من ابتلى به عسير، وخرج أبو داود عن بريدة الأسلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، ورجل قضى في الناس بجهل فهو في النار" (¬5).
وروى عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد [فأصاب] (¬6) فله أجران، وإذا حكم واجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (¬7).
¬__________
(¬1) سورة المائدة الآية (42).
(¬2) أخرجه مسلم (1827).
(¬3) أخرجه البخاري (629)، ومسلم (1031).
(¬4) سورة الجن الآية (15).
(¬5) أخرجه أبو داود (3573)، والترمذي (1322)، وابن ماجه (2315)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
(¬6) سقط من أ.
(¬7) أخرجه أبو داود (3574)، والترمذي (1326)، والنسائي (3581)، وابن ماجة (2314)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

الصفحة 58