كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 138
ربما زاد أو نقص تعمداً أو سهواً ، أخبر أن له ( صلى الله عليه وسلم ) من الوصف ما يحفظه فقال : ( كريم ) أي هو في غاية الكرم الذي هو البعد عن مساوئ الأخلاق بإظهار معاليها لشرف النفس وشرف الآباء فهو لا يزيد ولا يزيد ولا ينقص ، وكرم الشيء اجتماع الكمالات اللائقة به فيه .
الحاقة : ( 41 - 46 ) وما هو بقول. .. . .
) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ( ( )
ولما أثبت أنه قوله سبحانه وتعالى لأنه قول رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) لنا وهولا ينطق عن الهوى ، نفى عنه ما يتقولنه عليه ، فبدأ بالشعر وهو ما يقوله الإنسان من تلقاء نفسه على وزن مقصود صدقاً كان أو كذباً ، ولا بد فيه للتقيد بالوزن والقافية من التكلف الذي القرآن بعيد عنه ، وهو مع مشاركته للسجع في التكلف الناقص للمعنى أعلى منه بالوزن الذي يكسبه الرونق والحلاوة فقال : ( وما هو ) أي هذا الذكر في باطن أمره ولا ظاهره ، وأكد النفي فقال : ( بقول شاعر ) أي يأتي بكلام مقفى موزون بقصد الوزن ، وإنما قيل أنه ليس بقول من هو كذلك لأنه ، لا يوافق الوزن فيه إلا أماكن نادرة بالنسبة إلى مجموع القرآن ، ومن المقطوع به أن ذلك لا يرضى به شاعر وهو أنه ينصب نفسه منصب النظم والارتهان بعهدة الوزن ، ثم يأتي بكلام أكثره غير موزون ، فعلم قطعاً أن الذي وافق الوزن فيه غير مقصود قليس بشعر .
ولما كانت مخالفة القرآن للشعر خفية من حيث أنه لا يعرف ذلك إلا الشعراء وهم قليل في الناس ، والأغلب لا يعرفون ذلك ، ختم الآية بالإيمان الذي هو التصديق بالغيب فقال تعالى : ( قليلاً ما تؤمنون ) أي ما توجدون التصديق الذي هو الإيمان إلا إيجاداً أو زماناً قليلاً ، وذلك لأني قد أخبرتكم بذلك في غير موضع فلم تصدقوا وفيكم شعراء كثير يعرفون معرفة تامة أنه مخالف للشعر ، وقد أخبركم بعضهم بذلك كالوليد بن المغير وعتبة ابن ربيعة وغيرهما ثم لا تتبعون ذلك ثمرته ، وهو الإيمان بالله ورسوله ، وإيمانهم القليل إقرار من أقر من شعرائهم أنه ليس شعر ، وإخلاصهم بالوحدانية عند الاضطرار وإفرادهم بالخالق بالخلق والربوبية ، وهو إيمان لغوي لا شرعي ، ولما كان من يعرف الشعر يعرف النثر فهو أعلى فقدمه ، أتبه النثر فقال : ( ولا بقول كاهن ( وهو المنجم الذي يخبر وهو المنجم الذي يخبر عن أشياء يوهمها لرئي يخبره بذلك ، وأغلبها ليس لها صحة ، وعبارته عن ذلك بالسجع المتكلف المقصود كونه سجعاً الذي كون المعنى فيه تابعاً للفظ للتحلية بمشاكلة المقاطع .
ولما كانت مباينة القرىن للسجع خفية جداص لما فيه من الفواصل في الأغلب وتركها

الصفحة 138