كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)
صفحة رقم 187
جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني ) فأتاه ولد لم يقدر الشيطان أن يضره ، ومن أذن أمن تغول الغيلان ، وروى الترمذي وأحمد - قال المنذري : ورواته رواة الصحيح - عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( ما من مسلم يأخذ مضجعة فيقرأ سورة من كتاب الله تعالى إلا وكل الله تعالى به ملكاً فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب متى هب ) وللطبراني في الكبير - قال المنذري : ورواته رواة الصحيح إلا المسيب بن واضح ، قال الهيثمي : وهو ضعيف وقد وثق - عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : ( خرجت من حمص فآواني الليل إلى البقيعة بحضرني من أهل الأرض فقرأت هذه الآية من الأعراف
77 ( ) إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ( ) 7
[ الأعراف : 54 ] إلى آخر الآية ، فقال بعضهم لبعض : احرسوه الآن حتى يصبح ، فلما أصبحت ركبت دابتي ) والأحاديث في هذا كثيرة في آية الكرسي وغيرها ، وكذا حكايات من اعترضه بعض الجن فلما قرأ ذهب عنه .
ولما كان التقدير : فضل كل من الفريقين بالآخر ضلالاً بعيداً حتى أبعدوا عن الشرائع النبوية ، واعتقدوا ما لا يجوز اعتقاده من التعطيل واعتقاد الطبيعة ، فلا يزال الأمر هكذا أرحام تدفع وأرض تبلع ولا رسول يهديهم ولا بعث للأرض على بارئهم ، عطف عليه قولهم مؤكدين في قراءة الكسر إشارة إلى ظهور دلائل البعث ، وأنه لا يكاد يصدق أن أحداً يكذب به منبهاً على أن الأهواء والأغاليط قد يتطابق عليها الجم الغفير ، حثاً للمهتدي على أن لا يستوحش في طريق الهدى لقلة السالكين ، ولا يغر بطرق الردى لكثرة الهالكين : ( وأنهم ) أي الإنس إن كانوا يخاطبون الجن ، والجن إن كانوا يخاطبون الإنس ) ظنوا ) أي الجن أو الإنس ظناً ليسوا فيه على ثلج والظن قد يصيب ، وقد يخطىء وهو أكثر ) كما ظننتم ) أي أيها الجن أو الإنس ، والمعنى في قراءة الفتح : وأوحى إليّ أن الإنس أن الجن ظنوا ، وسدوا عن مفعولي ( ظن ) بقوله : ( أن ) أي أن الشأن العظيم ) لن ( أكد للدلالة على شدة إنكارهم لذلك ) يبعث ( وأشاروا إلى خطأ هذا الظن بالتعبير بالجلالة فقالوا : ( الله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة