كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)
صفحة رقم 206
تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ( ) [ المائدة : 118 ] ولما أعلم سحبانه بالترتيل أعلم بشرفه بالتأكيد بالمصدر فقال : ( ترتيلاً ( .
ولما كان المراد منه ( صلى الله عليه وسلم ) الثبات للنبوة ومن أمته الثبات في الاقتداء به في العمل والأمر والنهي ، وكان ذلك ي غاية الصعوبة ، وكان الإنسان عاجزاً إلا بإعانة مولاه ، وكان العون النافع غنما يكون لمن صفت نفسه عن الأكدار وأشرقت بالأنوار ، وكان ذلك إنما يكون بالاجتهاد في خدمته سبحانه ، علل هذا الأمر بقوله مبيناً للقرآن الذي أمر بقراءته ما هو وما وصفه ، معلماً أن التهدد يعد للنفس من القوى ما به يعالج المشقات ، مؤكداً لأن الإتيان بما هو خارج عن جميع أشكال الكلام لا يكاد يصدق : ( إنا ) أي بما لنا من العظمة ) سنلقي ) أي قريباً بوعد لا خلف فيه فتهيأ لذلك بما يحق له .
ولما كان المقام لبيان الصعوبة ، عبر بأداة الاستعلاء فقال : ( عليك ( وأشار إلى اليسر مع ذلك إشارة إلى ) ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ) [ القمر : 17 ] بالتعبير بما تدور مادته على اليسر والخفة فقال : ( قولا ( يعني القرآن ) ثقيلاً ) أي لما فيه من التكاليف الشاقة من جهة حملها وتحميلها للمدعوين لأنها تضاد الطبع وتخالف النفس ، ومن جهة رزانة لفظه لامتلائه بالمعاني مع جلالة معناه وتصاعده في خفاء فلا يفهمه المتأمل ويستخرج ما فيه من الجواهر إلا بمزيد فكر وتصفية سر وتجريد نظر ، فهو ثقيل على الموافق من جميع هذه الوجوه وغيرها ، وعلى المخالف من جهة أنه لا يقدر على رده ولا يتمكن من طعن فيه بوجه مع أنه ثقيل في الميزان وعند تلقيه وله وزن وخطر وقدر عظيم ، روي في الصحيح : ( إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان إذا أتاه الوحي يفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشاتي الشديد البرد ( وكان - إذا أنزل عليه الوحي وهو راكب على ناقته وضعت جرانها فلا تكاد تتحرك حتى يسري عنه ) قال القشيري : وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سورة الأنعام نزلت عليه جملة واحدة وهو راكب فبركت ناقته من ثقل القرآن وهيبته ، وهو مع ثقله على الأركان خفيف على اللسان سهل التلاوة والحفظ على الإنسان .
المزمل : ( 6 - 9 ) إن ناشئة الليل. .. . .
) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ( ( )