كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 5
قوله تعالى
77 ( ) يعلم ما في السماوات وما في الأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور ( ) 7
[ التغابن : 4 ] إلى ما قبله وبعده من الآيات إلى سوء جهل المنافقين وعظيم حرمانهم في قولهم بألسنتهم مما لم تنطو عليه قلوبهم
77 ( ) والله يشهد أن المنافقين لكاذبون ( ) 7
[ المنافقين : 1 ] واتخاذهم أيمانهم جنة وصدهم عن سبيل الله إلى ما وصفهم سبحانه به ، فافتتح سبحانه وتعالى سورة التغابن بتنزيهه عما توهموه من مرتكباتهم التي لا تخفى عليه سبحانه
77 ( ) ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم ( ) 7
[ التوبة : 78 ] ثم قال تعالى :
77 ( ) ويعلم ما تسرون وما تعلنون ( ) 7
[ التغابن : 4 ] فقرع ووبخ في عدة آيات ثم أشار إلى ما منعهم من تأمل الآيات ، وصدهم عن اعتبار المعجزات ، وأنه الكبر المهلك غيرهم ، فقال تعالى مخبراً عن سلفهم في هذا المرتكب ، ممن أعقبه ذلك أليم العذاب وسوء المنقلب
77 ( ) ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا ( ) 7
[ التغابن : 6 ] ثم تناسج الكلام معرفاً بمآلهم الأخروي ومآل غيرهم إلى قوله
77 ( ) وبئس المصير ( ) 7
[ التغابن : 10 ] ومناسبة ما بعد يتبين في التفسير بحول الله - انتهى .
ولما كان أعظم الدلائل عليه سبحانه آيات الآفاق ) سنريهم آياتنا في الآفاق ( وآيات الأنفس ، وقدم الأول علويه وسفليه لوضوحه ، أتبعه الثاني دليلاً على عموم قدرته الدال على تمام ملكه بأنه المختص بالاختراع لأعجب الأشياء خلقاً والحمل على المكاره فقال : ( هو ) أي وحده ) الذي خلقكم ) أي أنشأكم على ما أنتم عليه بأن قدركم وأوجدكم بالحق على وفق التقدير خلافاً لمن أنكر ذلك من الدهرية وأهل الطبائع .
ولما كان قد تقدم في سورة المنافقين ما أعلم أنهم فريقان ، عرف في هذه أن ذلك مسبب عن إبداعه لأن من معهود الملك أن يكون في مملكته الولي والعدو والمؤالف والمخالف والطائع والعاصي والملك ينتقم ويعفو ويعاقب وثيب ويقدم ويؤخر ويرفع ويضع ، ولذلك قال ( صلى الله عليه وسلم ) ( لو لم تذنبوا فتستغفروا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ) أخرجه مسلم والترمذي عن أبي أيوب رضي الله عنه ، فقال تعالى دماً للعدو إشارة إلى أنه عالم به وقادر عليه ، وما كان منه شيئاً إلا بإرادته ، وفيه تلويح إلى أنه الأكثر ومع كثرته هو الأضعف ، لأن الله تعالى ليس معه بمعونته وإلا لأعدم الصنف الآخر : ( فمنكم ) أي فتسبب عن خلقه لكم وتقديره لأشباحكم التي تنشأ

الصفحة 5