كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 52
أي الذي توقد به ) الناس والحجارة ) أي ألين الأشياء وأصلبها ، فما بين ذلك هو لها وقود بطريق الأولى .
ولما وصفها بغاية الأدب في الائتمار أتبه وصف القُوَام فقال معبراً بأداة لاستعلاء دلالة على تمكنهم من التصرف فيها : ( عليها ملائكة ) أي يكون أمرها على سبيل الاستعلاء فلا تعصيهم شيئاً لتأديب الله لها ) غلاظ ) أي في الأبدان والقلوب فظاظة على أهلا لاستحقاقهم لذلك بعصيانهم الملك الأعلى .
ولما كان الغلظ قد يكون مع الرخاوة قال : ( شداد ) أي في كل شيء يحاولونه بالقول والفعل حتى روي أن الواحد منهم يلقي بالدفعة الواحدة في النار من الكفار سبعين ألفاً .
ولما كان المعنى أنهم يوقعون غلظتهم وشدتهم بأهل المعاصي على مقادير استحاقهم .
يبن ذلك بما يخلع القلوب لكونه بأمر الله تعالى فقال : ( لا يعصون الله ) أي الملك الاعلى في وقت من الأوقات ) ما أمرهم ) أي أوقع الأمر لهم به في زمن ما .
ولما كان المطيع منا قد يخل ببعض المأمور به في ذاته بنقص ركن أو شرط أو وقت لنسيان ، أو نوم ونحوه أو بترك مندوب ونحوه أو ما في معناه بوسوسة أو حديث نفس ونحوه يقصر عن إيقاعه على أعلى الدرجات كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) فيما أخرجه ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما والطيالسي عن ثوبات رضي الله عنه : ( استقيموا ولن تحصوا ) قال نافياً لذلك عنهم : ( ويفعلون ) أي مجددين مع كل أمر على سبيل الاستمرار ) ما يؤمرون ) أي ما يقع لهم الأمر به في أي وقت كان من غير نقص ما ، وبني الفعل لما لم يسم فاعله كناية عن سهولة انقايدهم وإشارة إلى أن الذي أمرهم معلوم أنه الله سبحانه وتعالى .

الصفحة 52