كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 587
[ يس : 74 ] وذلك لأن الواحد يضائف الثاني ، وأحد جامع محيط لم يبق خارج عنه فيضايفه يعني أن مفهومه ناظر إلى كونه سبحانه وتعالى الآن كما كان في الأزل وحده ، فإن الخلق فانٍ فهو في الحقيقة عدم ، وكأنه ما كان لإحاطته به وكونه في قبضته وطوع مشيئته ، فلا خارج يكون مضايفاً له لأنه لا يضايف الشيء إلا مناظر لمساواة أو مباراة بمعاندة أو غيرها ، فالكل بالنسبة إليه عدم
77 ( ) إنك ميت وإنهم ميتون ( ) 7
[ الزمر : 30 ]
77 ( ) كل من عليها فان ( ) 7
[ الرحمن : 26 ] ) كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] هذا مراده بدليل سابقه ولاحقه فلا شبهة فيه لأهل الوحدة عليهم كالخزي واللعنة ، قال : والواحدة من الواحد هي حد النهاية ، والغاية مما هي وحدته ، وما دون الوحدة التي هي الغاية ثانية ودونه وجماع إحاطات كل ذلك أعلى وأدنى هي الأحدية التي لا يشذ عنها شاذ ولا يخرج عنها خارج ، فمن الأسماء معلوم لخليفة من خليقته بما أتاهم منه كالرحيم والعليم ، ومنها ما يعجز عنه خلافتهم كالأسماء المتقدمة من اسمه المحصي ، ولكن ينال مثلاً من قولهم ، ومنها ما لم ينله العلم ولا أدركت مثله العقول وهو اسمه الأحد ، فالله الأسماء الحسنى : وهو - أي الأحد - أصل لباب الوحدة ، يدل على محض الوحدة ، ألا ترى أنه نافٍ يأتي معه ، إذا قلت : لم يأتني أحد ، انتفى الاثنان ، ولا تقول : جاءني أحد كما تقول جاءني واحد ، لأن واحداً تزول عنه الواحدية بضم ثان إليه بخلاف الأحدية فإنها لازمة الواحد لا يفارقه حكمها بعد ضم الثاني بل لها من جهة محفوظة عليها يظهر ذاك بالأشفاع والأوتار ، فإنك تقول ما جاءني أحد ، فتنتفي الأشفاع كما تنتفي الأوتار ، وهذا دليل على زيادة شرفه فإن الاسم كلما غمضت دلالته وتعذرت معرفته عن الأفهام وعزب عن العقول علمه كان ذلك دليلاً على قربه من الاسم الأعظم - انتهى ، وقال بعض العارفين في كشف معنى الأحد ورتبته : إن الذات الأعظم غيب محض الوحدة ، ألا الأسماء الحسنى : وهو - أي الأحد - أصل لباب الوحدة ، يدل على محض الوحدة ، ألا ترى أنه نافٍ يأتي معه ، إذا قلت : لم يأتين أحد ، انتفى الاثنان ، ولا تقول : جاءني أحد كما تقول جاءني واحد ، لأن واحداً تزول عنه الواحدية بضم ثان إليه بخلاف الأحدية فإناه لازمة الواحد لا يفارقه حكمها بعد ضم الثاني بل لها منه جهة محفوظة عليها يظهر ذاك بالاشفاع والأوتار ، فإنك تقول : ماجاءني أحد ، فتنتفي الأشفاع كما تنتفي الأوتار ، وهذا دليل على زيادة شرفه فإن الاسم كلما غمضت دلالته وتعذرت معرفته عن الأفهام وعزب عن العقول علمه كان ذلك دليلاً على قربه من الاسم الأعظم - انتهى ، وقال بعض العارفين في كشف معنى الأحد ورتبته : إن الذات الأعظم غيب محض والأحد أول تعيناتها ، ولذلك بدئ بالهمزة التي هي أول تعيناتها ، والهمزة لكونها مرقى إلى غيب الألف كان أول اسمها أيضاً غير دال على مسماها .
ثم بعد التعيين بالأحدية الشاملة المستغرقة يتنزل إلى الإلهية ثم منها إلى الواحدية ، ولذلك ابتدئ الواحد بالواو التي هي وصلة إلى ما فيه من الألف الذي هو غيب ، فإن الواحد مرقى إلى فهم الإله ، والإله مرقى إلى تعقل الأحد ، والأحد مرقى إلى التعبد للذات الأقدس الأنزه ، ومن اعتقد أحديته سبحانه وتعالى ، أنتج له ذلك حبه وتعظيمه ، وهو توحيد الألوهية لأن التفرد بذلك يقتضي الكمال والجمال - والله الموفق .

الصفحة 587