كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 595
يكون عرضاً أو كالأعراض ، أو جوهراً أو كالجواهر ، أو جمساً أو كالأجسام ، الخامس أن له العلو عن أن يحل في شيء أو يحل فيه شيء أو يتحد بشيء أو يتحد به شيء ، السادس أنه تعالى له الغنى عن الموجد كالرب والموجب كالأب والمفيد أي لشيء من الكمالات ، ، السابع أنه تعالى له الوحدانية التي ليس فيها شبيه أي في صفاته ، ولا مثيل أي في نوع ولا نسب أي كالقرابة ، الثامن أنه تعالى له الفردانية التي لا يصح فيها شرك ، لا في الملك - بكسر الميم ، ولا في الملك - بضمها ، ولا في التدبير ، ولا في التأثير ، التاسع أنه تعالى له الكبرياء المنافية لفوت كمال أو كمال كمال ، العاشر أنه تعالى له العزة المنافية لأن يكون له ضد - وهو المفسد لما يفعله ، أو ند - وهو الموجد لمثل ما يوجده ، وتنزل هذه العشرة على السورة واضح لمن تأمل الكلام وتدبره ، وابتدأ سبحانه السورة بالضمير قبل الظاهر بعد التصريح بالنصر والفتح وخسارة أهل الكفر بخسارة أبي لهب الذي هو أعلاهم واعزهم إشارة إلى أن من صحح باطنه باسم الله تعالى نصر وفتح له - كما يشير إليه تعقيب الأمر في آخر سورة البقرة بالرغبة إليه في النصر على الكافرين بقوله
77 ( ) الله لا إله إلا هو الحي القيوم ( ) 7
[ البقرة : 255 ] فإنه ترجمة أول هذه السورة التالية للنصر والكافرون سواء بالضمير والاسم الأعظم والتوحيد الأعظم المقرون بدليل وهو القيومية ، فقد بين آخر السورة الذي هو نتيجتها ورد مقطعها على مطلعها أنه أحد حاضر في كل زمن لا يغيب أصلاً ، ولا أحد يكافئه أو يشابهه ، لأنه لم يتولد عنه شيء ولا تولد هو عن شيء ، لأنه صمد لا جوف له مطلقاً لا في ذاته بالفعل ، ولا بيحث يجوّزه الوهم لأنه أحد محيط بكل شيء لأنه هو الله المحيط بجميع صفات الكمال والجمال ، وهو غيب محض لأنه لا يقوى غيره على معرفته إلا باللوازم من الصفات المعقولة تقريباً ، والأفعال المشاهدة آثارها ، وهو هو الذي هو - مع كونه غيب الغيب - مستحضر في كل لب ، لا يظهر بغيب عن أحد بما له من الآثار ، التي ملأت الأقطار ، ولذلك استحق التسمية ب ( هو ) ولم يستحقها غيره لحضوره لكل قلب وغيبة غيره بكل اعتبار ، لأنه ليس للغير من ذاته إلا الغيبة بالعدم ، وأما هو فهو الواجب وجوده ، وهو الذي أوجد غيره ، وركز في كل قطرة ذكره ، لما له سبحانه من الكمال ، ولغيره من شدة الحاجة إليه والاحتلال ، فكان سبوحاً قدوساً جامعاً بين الوصفين لأنه ممدوح بالفضائل والمحاسن ، التقديس مضمر في صريح التسبيح ، والتسبيح مضمر في صريح التقديس ، ومن ثم إلى آخرها صريح التسبيه والامران راجعان إلى إفراده وتوحيده ونفي التشيك والتشبيه عنه ، وذلك هو الجمع بين الإثبات والنفي على تهييج

الصفحة 595