كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 602
كفوء له ولكن كان ذلك بوجه خفي ، فإذا ضممت إليها الضميرين المستترين الجائزي البروز كانت اثنين وعشرين موازية لسنة تسع سنة الوفود ودخول الناس في الدين أفواجاً ، وحجة أبي بكر رضي الله عنه وتطهير المسجد الحرام من نجس الإشراك بالبراءة من المشركين وزجرهم عن أن يحج بعد ذلك العام مشرك ، ونهيهم عن قربانهم المسجد الحرام لأنهم نجس ، وانتشار الإخلاص في أغلب بلاد العرب ، وذلك أجلى مما مضى مناسب لما دل عليه ، وفيه نوع خفاء عند من كان بقي من المشركين ، وإذا ضممت إليها الضمير الآخر البارز بالفعل كانت ثلاثاً وعشرين توازي سنة حجة الوداع سنة عشر ، وهي التي تم فيها الإخلاص ولم يحج بها مشرك ، وأيس الشيطان فيها أن يعبد في جزيرة العرب ، وفي ذلك - لكون الكلمة ضميراً - نوع يسير في الخفاء بما دل عليه بعد ذلك من الردة ، وكان ذلك أنسب الأشياء بالكلمة المتحملة لذلك الضمير وهي له ، هذا ما يسره الله من أسرار كلماتها بحسب الأعداد ، وأما حروفها فمن الأسرار العظيمة أنه صفة الله ، وأن حروفها مع البسملة النظر إليها من حيث اللفظ وكذا من حيث الرسم ستة وستون حرفاً ، وكذا عدة حروف الجلالة الملفوظة وكذا المرسومة بحساب الجمل ، فكل ما دعت إليه هو مدلول هذا الاسم الأعظم ، وهذه العدة إذا أخذت من أول مولد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان آخرها منطبقاً على سنة موت صديقه الأكبر الذي سبق غيره بما وقر في صدره وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، وذلك دلالة على أنه لا يوازيهما أحد في الإخلاص ، وأنهما وصلا فيه إلى الرتبة العليا ، وإن كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أعلى الخلق فيه ، وفي ذلك أيضاً دلالة على أنه لا كفوء له لأنه نفى الإشراك بحذافيره من جميع جزيرة العرب بعد أن كانوا مطبقين عليه ، وأطلقهم سبحانه وتعالى على منيليهم من مولك الأمم حتى أظهر الله بهم الدين - وقد كانوا أذل الأمم - على الدين كله ، ونفوا جبابرة الملوك صغرة بعد أن كان عندهم أنه لا غالب لهم ، وحروفها الملفوظة هي بعدد كلمات - آيات التوحيد ، وهي آية الكرسي أعظم آية في القرآن ، وذلك خمسون حرفاً إلا واحداً هو ألف ) كفواً ( الذي هو مرسوم غير ملفوظ ، وهو الدال على الضمير الذي هو غيب الغيب ، فهو غيب - من جهة عدم اللفظ به ، ووجود وظهور من جهة شاهد الرسم ومسموع الاسم ، كما أن الذات غيب محض من جهة الحقيقة يدرك بمشاهدة الأفعال ، ومسموع الأسماء العوال - والله الهادي من الضلال .
.. .

الصفحة 602