كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 609
اليهود سحرك ، عقد لك عقداً في بئر كذا وكذا ، أو قال : فطرحه في بئر رجل من الأنصار ) فأرسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فاستخرجوها فجيء بها فحلها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كأنما نشط من عقال ( فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط ، وفي رواية : فأتاه ملكان يعوذانه فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجله فقال أحدهما : ( أتدري ما وجعه ؟ قال : كأن الذي يدخل عليه عقد له وألقاه في بئر ( ، فأرسل إليه رجلاً ، وفي رواية : علياً رضي الله عنه ، فأخذ العقد فوجد الماء قد اصفر ، قال : فأخذ العقد فحلها فبرأ ، فكان الرجل بعد ذلك يدخل على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فلم يذكر له شيئاً ولم يعاتبه فيه ، وهذا الفضل لمنفعة المعوذيتن كما منح الله به رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) فكذا تفضل به على سائر أمته ، وروى أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح - والنسائي مسنداً أو مرسلاً - قال النووي : بالأسانيد الصحيحة - عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثة مرات - يكفيك كل شيء ( والأحاديث في فضل هذه السور الثلاث كثيرة جداً ، وجعل التعويذ في سورتين إشارة إلى استحباب تكريره ، وجعلتا إحدى عشرة آية ندباً إلى تكثيره في تكريره ، وقدمت الفلق التي خمس آيات مع ما مضى المناسبات لأن اقترانها بسورة التوحيد أنسب ، وشفها بسورة الناس التي هي ست آيات أنسب ، ليكون الشفع بالشفع ، والابتداء بالوتر بعد سورة الوتر ، وحاصل هذه السورة العظمة في معناها الأبدع الأسمى الاستعاذة بالله بذكر اسمه ) الرب ( المقتضي للإحسان والتربية بجلبي النعم ودفع النقم منشر ما خلق ومن السحر والحسد ، كما كان أكثر البقرة المناظرة لها في رد المقطع على المطلع لكونها ثانية من الأول كما أن هذه ثانية من الآخر في ذكر أعداء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الحاسدين له على ما أوتي من النعم ، وفي تذكيرهم بما منحهم من النعم التي كفروها ، وأكثر ذلك في بني إسرائيل الذين كانوا أشد الناس حسداً له ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكان من أعظم ما ضلوا به السحر المشار إليه بقوله تعالى :
77 ( ) واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ( ) 7
[ البقرة : 102 ] حتى قال : ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ( إلى أن قال :
77 ( ) ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفراً حسداً من عند أنفسهم ( ) 7
[ البقرة : 109 ] وكان

الصفحة 609