كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 611
سورة الناس
مقصودها الاعتصام بالإله الحق من شر الخلق الباطن ، واسمها دال على ذلك لأن الإنسان مطبوع على الشر ، وأكثر شره بالمكر والخداع ، وأحسن من هذا أنها للاستعاذة من الشر الباطن المأنوس به المستروح إليه ، فإن الوسسة لا تكون إلا بما يشتهي ، والناس مشتق من الأنس ، فإن أصله أناس ، وهو أيضا اضطراب الباطن المشير إليه الاشتقاق من النوس ، فطابق حينئذ الاسم المسمى ، ومقصود هذه السورة معلول لمقصود الفقاتحة الذي هو المراقبة ، وهي شاملة لجميع علوم القرآن التي هي مصادقة الله ومعاداة الشيطان ببراعة الختام وفذلكة النظام ، كما أن الفاتحة شاملة لذلك لأنها براعة الاستهلال ، ورعاية الجلال والجمال ، فقد اتصل الآخر بالأول اتصال العلة بالمعلول ، والدليل بالمدلول ، والمثل بالممثول ، والله المسؤول في تيسير السؤل ، ت وتحقيق المأمول ، فإنه الجواد ذو الطول ، وبه يستعان وعليه التكلان : ( بسم الله ( المحيط علما بكل باطن كإحاطته بكل ظاهر ) الرحمن ( الذي عمت نعمته كل باد وحاضر ) الرحيم ( الذي خص أولياءه بإتمام النعمة عليهم في جميع أمورهم الأول منها والأثناء والآخر .
الناس : ( 1 - 6 ) قل أعوذ برب. .. . .
) قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ( ( )
لما جاءت سورة الفلق للاستعاذة من شر ما خلق من جميع المضار البدنية وغيرها العامة للإنسان وغيره ، وذلك هو جملة الشر الموجود في جميع الأكوان والأزمان ، ثم وقع فيها التخصيص بشرور بأعيانها من الفاسق والساحر والحاسد ، فكانت الاستعاذة فيها عامة للمصائب الخارجة التي ترجع إلى ظلم الغير ، والمعايب الداخلة التي ترجع

الصفحة 611