كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)

صفحة رقم 620
اشتركتا في ثمانية عشر منها ، واختصت كل واحدة منهما بأربعة : الفاتحة بالحاء والطاء المهملتين ، والضاد والغين المعجمتين ، والناس بالجيم والخاء والشين المعجمتين والفاء ، وقال ابن ميلق : سقط من الفاتحة سبعة أحرف ( ثج خز شظف ) ، انتهى ، فلعل في ذلك - والله أعلم - إشارة إلى أن - تكامل نزول القرآن من أوله إلى آخره في عدد الحروف التي اشتمل عليها كل من سورتي أوله وآخره من السنين وذلك اثنان وعشرون ، والثالثة والعشرون سنة القدوم على منزله الحي القيوم سبحانه وتعالى ما أعظم شأنه ، وأعز سلطانه ، وأقوم برهانه .
وقال مؤلفه رحمه الله تعالى : وهذا تمام ما أردته من نظم الدرر من تناسب الآي والسور ، ترجمان القرآن مبدي مناسبات الفرقان ، التفسير الذي لم تسمع الأعصار بمثله ، ولا فاض عليها من التفاسير على كثرة أعدادها كصيب وبله ، فرغته في المسودة يوم الثلاثاء سابع شعبان سنة خمس وسبعين وثمانمائة ، بمسجدي من رحبة باب العيد بالقاهرة المغرية ، وكان ابتدائي في في شعبان سنة إحدة وستين ، فتلك أربع عشرة سنة كاملة ، وفرغته في هذه المبيضة عصر يوم الأحد عاشر شعبان سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة ، بمنزلي الملاصق للمدرسة البادرائية من دمشق ، فتلك اثنتان وعشرون سنة بعدد سني النبوة الزاهرة الأنيسة العلية الطاهرة المباركة الزكية ، ولولا معونة الله اضحى معدوماً ، أو ناقصاً مخروماً ، فغني بعد ما توغلت فيه واستقامت لي مبانيه ، فوصلت إلى قريب من نصفه ، فبالغ الفضلاء في وصفه بحسن سبكه وغزارة معانيه وإحكام رصفه ، دب داء الحسد في جماعة أولي النكد ، والمكر واللدد ، يريدون الرائاسة بالباطل ، وكل منهم من جوهر العلم عاطل ، مدّ ليل الجهل فيهم ظلامه ، وأثار نقع السفه على رؤوسهم سواده وقتامه ، صوبوا سهام الشرور ، والأباطيل وأنواع الزور ، فأكثروا التشييع بالتشنيع ، والتقبيح والتبشيع ، والتخطئة والتضليل ، بالنقل من التوراة والإنجيل ، فصنفت في ذلك الأقوال القويمة ، في حكم النقل من الكتب القديمة ، بينت فيه أن ذلك سنة مستقيمة ، لتأييد الملة الحنيفية العظيمة ، وأخرجت بذلك نص الشافعي ، وكلام النووي والرافعي ، واستكتبت على الكتاب : العلماء الأنجاب ، فكتبوا ما أودعته ( مصاعد النظر للاشراف على مقاصد السور ) فأطفأ الله نارهم ، وأظهر عوارهم ، وشهر خزيهم وعارهم ، ثم قاموا في بدعة دائم المعروف ، فصنفت فيها القول المعروف ، وبينت مخالفتهم للكتاب والسنة ، ووقوعهم في عين الفتنة ، وخرقهم لأعظم الجنة ، وصريح نص الشافعي ونقول العلماء ، فكانوا كمن ألقم الحجر أو ملئ فمه بالماء ، ثم قاموا في فتنة ابن الفارض ، وكلهم معاند معارض ، وألبوا عليّ رعاع الناس ، فاشتد شعاع البأس ،

الصفحة 620