كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 8)
صفحة رقم 9
سواء كان صاحب الصدر قد علمها أو لا ، وعلمه لكل ذلك على حد سواء لا تفاوت فيه بين علم الخفي وعلم الجلي ، لأن نسبة المقتضي لعلمه وهو وجود ذاته على ما هي عليه من صفات الكمال إلى الكل على حد سواء ، فراقبوه في الإخراص وغيره مراقبة من يعلم أنه بعينه لا يغيب عنه واحذروا أن يخالف السر العلانية ، فإن حقه أن يتقي ويحذر ، وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد وتقديم تقرير القدرة على تقريره لأن دلالة المخلوقات على قدرته أولاً وبالذات ، وكمال قدرته يستلزم كمال علمه لأن من لا يكمل علمه لا تتم قدرته ، فلا يأتي مصنوعه محكماً .
ولما تقرر الإيمان به من أنه الملك الذي له وحده الملك ، وأشار بما يشاهد من انقسام عبيده إلى مؤمن وكافر إلى أنه لا من الأخذ على يد الظالم منهما كما هي عادة الملوك ، لا يسوغ في الحكمة ولا في العادة غير ذلك ، وأخبر أن علمه محيط لنسبته إلى العلويات والسفليات والظواهر والبواطن على حد سواء ، أتبع ذلك وجوب الإيمان برسله لجمع الكلمة عليه سبحانه لنكمل الحياة بإصلاح ذات البين يقع الخلاف فتفسد الحياة ووجوب الاعتبار لمن مضى من أممهم ، فمن لم يعتبر عثر على مهواه من الأمل ، ودل عليه بإهلاكه من خالفهم إهلاكاً منسقاً في خرقه للعادة وخصوصه لهم على وجه مقرر ما مضى من انفراده بالملك معلم أن الكفرة هم المبطلون فقال : ( ألم يأتكم ) أي أيها الناس ولا سيما الكفار لتعلموا أنه شامل العلم محيط القدرة ينتقم من المسيء ) نبؤوا الذين ( وعبر بما يشمل شديد الكفر وضعيفه فقال : ( كفروا ) أي خبرهم العظيم .
ولما كان المهلكون على ذلك الوجه بعض الكفار وهم الذين أرسل إليهم الرسل ، فلم يستغرقوا ما مضى من الزمان قال : ( من قبل ( كالقرون المذكورين في الأعراف ، ثم سبب عن كفرهم وعقب قوله : ( فذاقوا ) أي باشروا مباشرة الذائق بالعدل الثاني كما كانوا فيه مما يستحق أن يشاور فيه ويؤمر وينهى وثقله ووخامة مرعاه في الدنيا ، وأصله الثقل كيفما قلب ) ولهم ) أي مع ما ذاقوه بسببه في الدني ) عذاب أليم ( في البرزخ ثم القيامة التي هي موضع الفصل الأعظم .
التغابن : ( 6 - 7 ) ذلك بأنه كانت. .. . .
) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ( ( )
ولما ذكر ما أحله بهم سبحانه وأشار إلى القطع بأنه من عنده باتساقه في خرقه العوائد بالاستئصال والخصوص لمن كذب الرسل والتنجية لمن صدقهم ، علله بقوله :