كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 8)
حظوه، ولا أخلاه من بسط يد وقدم فى حظّ وحظوه «1» ؛ ووقفت على هذا الكتاب المشار اليه وما وقفت عنه لسانا شاكرا، ولا صرفت عنه طرفا ناظرا، وبلغت من ذلك جهدى وإن كان قاصرا، واستفرغت له خاطرى وما أعدّه اليوم خاطرا؛ ومما أسرّ به أن يكون فى الخدمة السلطانية- أعلاها الله ورفعها، ووصلها ولا قطعها، وألّف عليها القلوب وجمعها، واستجاب فيها الأدعية وسمعها- من يكثّر قليلى، ويشفى فى تقبيل الأرض غليلى، فإن تقبيل سيدنا كتقبيلى؛ فلو شرب صديق وأنا عطشان لأروانى، ولو استضاء بلمعة فى الشرق وأنا فى الغرب لأرانى؛ كما أنّ الصّديق اذا مسّته نعمة وجب عنها شكرى، واذا وصلت اليه يد منعم وصلتنى وتغلغلت الىّ ولو كنت فى قبرى.
ومنها: وأعود الى جواب الكتاب، الأخبار لا تزال غامضة إلى أن يشرحها، ومقفلة إلى أن يفتحها؛ بخلاف حالى مع الناس، فإن القلوب لا تزال سالمة إلا أن يجرحها، والهموم خفيفة إلا أن يرجّحها؛ والحقّ من جهته ما تحقّق، وما استنطق بشكر من أنطق؛ وفى الخواطر فى هذا الوقت موجود يجعلها [فى «2» ] العدم، ويخرجها من الألم الى اللّم «3» ، ويعادى بين الألسنة والأسماع وبين العيون والقلم؛ وكلّما قلّت الحيلة المشكوك فى نجحها، فتح الله باب الحيلة المطموع فى فتحها؛ وهى من فضل الله سبحانه والاستجارة بالاستخاره، فتلك تجارة رابحة وكلّ تجارة لا تخلو من خساره؛ والله تعالى يجمع كلمة المسلمين على يد سلطاننا، ولا يخلينا منه ومن [بنيه «4» ] حلّى زماننا، وشنوف إيماننا، ويسعدنا من أكابرهم بتيجان رءوسنا، ومن أصاغرهم بخواتم أيماننا؛
الصفحة 3
324