كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 8)

ودليل ذلك أن الشريعة نصت علي شهادة الرجلين في النكاح والطلاق والوصية، وقيس عليها ما لم يذكر فيها نص، مما هو مثلها من كل حق لآدمي لا يقصد به المال. قال تعالى، في الطلاق: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} (سورة الطلاق: 2)
وقال عز وجل في الوصية: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} (سورة المائدة: 106).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزواج: " لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل ". (رواه الشافعي في مسنده، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إنه اصح شيء في الباب ـ انظر: مغني المحتاج 3/ 155 ـ ورواه ابن حبان [1247] وقال: لا يصح في ذكر الشاهدين غيره).
وقال الزهري رحمه الله: مضت السنّة بأن لا يجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح والطلاق.
الضرب الثاني: يقبل فيه شاهدان رجلان، أو رجل وامرأتان، أو شاهد ويمين المدعى، وهو كل حق كان القصد منه المال، من عين أو دين أو منفعة، كالبيع، والإقالة، والحوالة، والضمان، والإجارة، والرهن، والشفعة، ونحوهما.
ودليل ذلك قول الله عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} (سورة البقرة: 282).
وروي مسلم [1712] في الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمين وشاهد. وفي مسند الشافعي: قال عمرو ـ أي ابن دينار راويه عن ابن عباس ـ: في الأموال. [الأم: 6/ 156 هامش]. وقيس ما ذكر غيرها من كل حق فيه مال.
الضرب الثالث: يقبل فيه شهادة رجلين، أو شهادة رجل وامرأتين، أو أربع نسوة، وذلك في كل حق للآدمي لا يطلع عليه الرجال غالباً، وذلك مثل الولادة، والرضاعة، والبكارة، وعيوب النساء.

الصفحة 214