كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 8)

جواز النقل ثم بين الخلاف في بعض وجوهه فدل على أن ما لم يفصل فيه
تفصيلا قد اتفق عليه هؤلاء المختلفون وفي مثل هذا نلتزم أن الحكم المجمل
مطلق في كل مذهب بخلاف ما إذا لم يُفعَل ذلك فإنا لا نلتزمه وعلى هذه
الطريقة جرى كلام الناظم وربما مضى من ذلك مسائل وقع التنبيه عليها في
مواضعها فإذا ثبت هذا فالكوفيون متفقون مع البصريين في المهموز وأما
قولهم في غير المهموز فحجته عندهم أن الجميع اتفقوا أن النقل إنما جاز في
المرفوع والمجرور ليزول اجتماع الساكنين حالة الوقف ولا شك أن هذه العلة
موجودةٌ حالة النصب؛ فإنك لو قلت (رأيت النكر) فوقفت ولم تنقل لاجتمع
الساكنان كما اجتمعا في المجرور والمرفوع فقَصْرُ النقل على بعض أنواع
الإعراب دون بعض تحكم وترجيحٌ من غير مرجِّح وإعمالٌ للعلة في موضع
وإهمال لها في موضع آخر وذلك كلُّه فاسد فالقول بما يؤدي إليه فاسد
أيضا

والجواب عن هذا أن المتبع في ذلك السماع والتعليل إنما يأتي من وراء
ذلك فنحن رأينا العرب فرَّقت بين المرفوع والمجرور وبين المنصوب في غير
المهموز فلا بد من القول به على أن البصريين فرقوا بين الحالتين كما تقدم
فلا يلزم الجمع مع وجود الفارق والناظم لم يُشر إلى ترجيح أحد القولين على
الآخر بل قال «لَا ... يَرَاهُ بَصْرِيٌّ، وَكُوفٍ نَقَلَا» وقد اختار في التسهيل مذهب البصريين
[68]

الصفحة 68