كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 8)

أهل عملي منه، وأكره أن أخالف قول العبد الصالح، وهو قول الله عزّ وجلّ:
وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ
. (هود: 88) .
فأما من لبس فيها ثوب الخلاعة، وطاوع لها هواه المردي وأطاعه فيها [1] من أحسن ما اكتسب فضيلة، وأقرب إلى تحصيل المكارم وسيلة. كانت العرب تفتخر بسبائها، وتضيفه في مفاخرها إلى عظيم غنائها ومذكور بلائها.
«950» - فمن ذلك قول عنترة وقد وصف نفسه بالإقدام على مكافحة قرنه، وعظّم شأنه بأنّه حامي الحقيقة، معلم يوم الكريهة، وقرن ذلك بأنّه معذّل على إتلاف ماله في شرب الشراب هناك، وأبان أنّه قليل الاحتفال بملامة اللّوام في الاستهتار به، وذلك حيث يقول: [من الكامل]
ومشك سابغة هتكت فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ربذ يداه بالقداح إذا شتا ... هتّاك رايات التّجار ملوّم
وإنّما أراد أنّه يأتي الخمّارين فيبتاع جميع ما عندهم من الخمر، فيقلعون لذلك راياتهم التي يرفعونها ليعرفوا بها وينصرفون.
«951» - وإلى هذا المعنى ذهب أبو نواس في قوله: [من الطويل]
أعاذل ما فرّطت في جنب لذّة ... ولا قلت للخمّار كيف تبيع
أسامحه إنّ المكاس ضراعة ... ويرحل عرضي عنه وهو جميع
«952» - وقال زهير يصف شربها وكرمهم: [من الوافر]
__________
[1] كذا في م ويبدو أن هناك نقصا في النص.

الصفحة 345